التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح

حديث: من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه

          3142- (عن أبي فُلَيْحٍ (1) هو عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ، أخي مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ، ابنا أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ).
          (عن أبيْ مُحمَّدٍ) اسمه نافع.
          (جَوْلَةٌ) أي: اختلاطًا.
          (عَلا رَجُلًا) قيل: أشرف عليه، وقيل: صَرَعه.
          (فاسْتَدَرْتُ) ويروى: «فاستدبرت»، بزيادة باء.
          (لاَهَا اللهِ) ويروى ممدودًا أو مقصورًا، وهي قسم، و(إذًا) منوَّن حرف جواب يقتضي التعليل، وفيه حذف، أي: يجوز، أو لا يعدل.
          وقال جماعة من أئمة النحاة: هذا فيه لحنان: مدُّها واثبات الألف في «ذا»، والصواب: «لاها الله»، بالقصر في «ها» وحذف الألف من «ذا» غير منون (2) .
          وقالوا: إنها «ذا» التي للإشارة، فصل بينها وبين ها التنبيه باسم الله تعالى.
          وفي «لمع ابن جَنِّي»: «ها الله ذا»، ويجر الاسم بها لأنها صارت بدلًا من الواو، وقال أبو البقاء: الجيد: «لا الله ها ذا»، والتقدير: هذا والله، فأخَّر «ذا»، ومنهم من يقول: «ها» بدل من همزة القسم المبدلة من الواو و«ذا» مبتدأ، والخبر محذوف، أي: هذا ما أحلف به.
          وقال: وقد روي في الحديث «إذن» وهو بعيد، ويمكن أن يوجَّه بأن تقديره: لا والله لا يعطي إذن.
          وقال الخَطَّابيُّ: كذا روي، وإنَّما هو: «لاها الله ذا»، والهاء بدل من الهمزة التي تُبْدل من الواو في القسم، كأنه يقول: لا والله لا يكون ذا، وقيل: تقديره: لاها الله ذا متعذر أو غير ممكن، فـ«ذا» مبتدأ، والخبر محذوف، و«لاها الله» يعني: لا والله، الهاء بدل من الواو.
          وقال صاحب «المفهم»: الرواية المشهورة: «هاء» / بالمد والهمز، و«إذًا» بالهمز والتنوين التي هي حرف جواب، وقد قيَّده بعضُهم بقصرها، وبإسقاط الألف من «إذا» فيكون «ذا» صلة، وصوَّبه جماعةٌ من العلماء منهم القاضي إسماعيل والمازني وغيرهما.
          وقال ابنُ مالكٍ: في «لاها الله» شاهدٌ على جواز الاستغناء عن واو القسم بحرف التنبيه، ولا يكون هذا الاستغناء إلا مع الله، وفي اللفظ بـ «ها الله» أربعة أوجه:
          أحدها: هَلِلَّه (3) ، بهاء تليها اللام.
          والثاني: ها الله بألف ثانية (4) قبل اللام، وهو شبيه بقولهم: التقت حلقتا البطان، بألف ثانية بين التاء واللام.
          والثالث: أن يجمع بين ثبوت الألف وقطع همزة الله.
          والرابع: أن تحذف الألف وتقطع همزة الله.
          والمعروف في كلام العرب «ها الله» وقد وقع في هذا الحديث «إذن» وليس ببعيد.
          (لا يعمد) قال النَّوويُّ ☼: ضبطوه بالياء والنون، وكذا وقع قوله بعد: (فيعطيك).
          (مَخرَفًا) بفتح الميم والراء على المشهور، ورُوي بكسر الراء كـ: مسجد، أي: بستانًا، سُمي به لما يُخْترف فيه من ثمار نخيله.
          (تأثَّلتُه) بالمثلثة بعد الألف، أي: اتخذته أصل مال، وحديث حَكِيمٍ سبق في الزكاة.


[1] في غير [ب] : ابن أفلح.. ليست واضحة في الخطوط.
[2] قال ابنُ حَجَرٍ رحمه الله: بل الألف ثابتة في «إذا» في جميع الروايات الصحيحة، وهو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه لقول هؤلاء، وتوجيهه واضح كما أشار إليه أبو البَقَاءِ، وإن كان استبعده فليس ببعيد، وإنَّما أُتُوا من قبل التقدير لأنَّهم جعلوا «إذا» تتعلق بالنفي الذي بعدها، فحملهم ذلك على ارتكاب تخطئة المحدثين؛ بل التقدير: أن «إذا» ظرف تتعلق بالقسم، وتم بها الكلام ثم ابتداء فقال: «لا يعمد»، وقد فهم البُخاريُّ نفسه هذا التقدير بعينه فقال في أوائل الأيمان والنذور: وقال أبو قتادة: «قال أبو بكر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم لاها الله إذًا»، هكذا اقتصر عليه هنا ودل أنَّه رأى أن «إذًا» تتعلق بالقسم كما قررناه، والله أعلم.
[3] في غير [ب] : هالله.
[4] في غير [ب] : ثابتة