الوجه الصبيح في ختم الجامع الصحيح

مقدمة المصنف

          ♫
          ربِّ يسِّر يا كريم آمين(1)
          الحمد لله واصل المنقطعين إلى بابه بمرسَل إحسانه، ومتابع(2) شواهد فيضه الحَسَنِ بمسلسل فضله المتواتر وامتنانه، ومغدق سحائب نواله على(3) الصَّحيح والضَّعيف من عباده، وهادي العلماء بتقريبه(4) إلى رفع المنكر والمعلول وقطع الشَّاذ بإرشاده.
          أحمده وهو المحمود لذاته بمدائح إحسانه في القديم والحديث، وأشكره على حسب ضعف متني وعلِّيْ في أداء شكر موصول سند(5) متن سنته السَّير الحثيث.
          وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ضدَّ ولا ندَّ ولا ظهير ولا نظير له، شهادة لم يزل لواءها المرفوع شأنه، المقطوع من شانه، العزيز مكانه، العالي رفعة ومكانه منشوراً، ومسند حديث فضله لا يزال مسلسلاً موصولاً، عزيزاً مشهوراً.
          وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا وشفيعنا وملاذنا إلى ربنا(6) محمَّداً الذي حمد اللهُ مكانَه عنده، فكان في الوجود كلِّه محمَّداً، وأهَّله لشريف حمده، فلم يزل ولا يزال أكرم حامدٍ وأحمد أحمدَ(7) رسولٍ، اتَّصلت أسانيد متونِ كمال مجدِه بثقات وصل الفصل، وصينت عن الشُّذوذ والنَّكارة والعلل، وأنواع القدح ودَنَس الوضع، فكان ذلك عن كمال مقامه الخطاب الفصل، نعته اللهُ تعالى في كتابه بأشرف النُّعوت، وبعثه من أشرف البيوت، ونشر لواء مجده القول الجد والمرفوع، وجعل حديثه من وحيه سبحانه وتعالى فقال: { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم:3-4] ؛ أي: وليس في كمال شرفه جرح ولا قدح ولا وَضْعَ كاذبٍ للكذب الموضوع، فكماله أقصى كمال الممكنات، فليس له فيه كفواً أحد، ومجَّده ـ عز وحده ـ عَلا فلم يساوه في كماله ابن له ولا أب ولا جدٌّ، خُصَّ بخصائص كعقود الجوهر لمن علم، وكان من أسناها أن أوتي مفاتيح خزائن الأرض وجوامع الكَلِم، فصلَّى الله وسلَّم عليه، وجعل مناط كمال الإكمال الإلهي الرَّحماني محيطاً بدارة هالة(8) بدره ومسندة إليه، وشرَّفه أعلى تشريف بعليِّ حضرته، العالم هو تعالى بها وبسناءها،(9) وأحلَّه بأسنى مقامات رفيعة من التَّقريب ليشرِّف حركات بحار وجود الجود وزهوها(10) ورضي الله تعالى عن أصحابه(11) الكرام مصابيحِ الهدى في دُجى ظُلمة الجهل الشَّديد الإظلام، وأزواجه وذرَّيته وآله أُولي الإكرام، ووارثيه العلماء الوارثين للرُّسل ╫ ، لا سيما خلفاء المصطفى صلعم من أمَّته، وهم الرُّواة للأمَّة من بعده شريف حديثه النَّبويِّ وسنَّته، المدعوِّ لهم بالنّضرة، فلذلك فازوا بها وحازوا من لحاظه الكريمة بأشرف نظرة، وقال لسان حالهم:
من أنا لولا أنتم مَن أنا                      أنتم لنا منكم كمال الهنا
لما لحظتونا بألحاظكم                     تمَّ والله نيل المنا
ليهنَ خدَّام حديث النَّبيِّ                     لحاظ طه(12) خير ما يقتنى


[1] هذا العنوان مثبت في (ن)، وجاءت تسمية الكتاب في (ظ): «ترجمة الحافظ البخاري، نفعنا الله تعالى به»، وكتب في (ن) تحت العنوان بحبر أحمر: «تحرير سيدنا ومولانا شيخ الإسلام محمد علي بن علان الصديقي الشافعي، خادم السنة النبوية، لطف الله تعالى به والمسلمين» وهذا يدلُّ على أن هذه النسخة كتبت في حياة المؤلف ⌂. وكتب في النسخة (ظ) للعلامة الشيخ محمد بن علان عليه الرحمة والرضوان، (آمين) ثم كتب على حاشية النسخة: «دخل في ملك الفقير إليه تعالى السيد عبد اللطيف فتح الله بالشراء الشرعي 1206»، وقوله: «رب يسر يا كريم آمين» ثابتة في (ن).
[2] في النسخة (ن): «وتنابع».
[3] قوله: «على» سقطت من (ظ).
[4] في (ن): «بقريبه».
[5] في (ن): «سنة».
[6] قوله: «وشفيعنا وملاذنا إلى ربنا» مثبت من (ن).
[7] في (ن): «وأحمد أحمداً رسول».
[8] في (ظ): «بدارة هاله بدارة هاله» مكررة مرتين.
[9] في (ظ): « لمعالم هو تعالى شاوها».
[10] في (ظ): «ليشرق حركات بحر وجود الجود وزهرها»، والمثبت من (ن).
[11] في (ظ): «ورضي الله عن صحبه»، والمثبت من (ن).
[12] في هامش (ن) هنا: «من».