تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: هل تدرون ماذا قال ربكم

          889- (مُطِرْنَا بِنَوءِ كذا) النَّوءُ جمعُهُ أنواءٌ، قال أبو عُبِيْدٍ: هي ثمانيةٌ وعشرونَ نجماً معروفةُ المطالِعِ في أزمنةِ السنةِ، يَسْقُطُ منها في كُلِّ ثلاثَ عشْرةَ ليلةً نجمٌ في المغربِ مع طُلُوعِ الفَجْرِ، ويطلُعُ آخَرُ يقابِلُه من ساعتهِ، وانقضاءُ هذه الثمانية والعشرينَ مع انقضاءِ السَّنَةِ. فكانت العربُ في الجاهليةِ إذا سقطَ منها نجمٌ وطلعَ آخرُ قالوا: لا بُدَّ من أن يكونَ عند ذلك مَطَرٌ، فَيَنْسُبُوْنَ كلَّ غيثٍ يكون عند ذلكَ إلى النجمِ، فيقولونَ: مُطِرْنَا بنوءِ كذا.
          قال: وإنما سُمِّيَ نَوءاً لأنه إذا سقطَ الساقِطُ منها بالمغربِ ناءَ الطالِعُ بالمشرقِ يَنُوْءُ نَوْءاً وذلك النهوضُ هو النَّوءُ فسُمِّيَ النجمُ به، قال: وقد يكون النَّوءُ السقوطُ. قال شمرٌ: ولا تَسْتَنِيءُ العربُ بها كُلَّها وإنما تذكُرُ بالأنواءِ بَعْضَها، قال: وكانَ ابن الأعرابيِّ يقول: لا يكون نَوءٌ حتى يكونَ معه مَطَرٌ وإلا فلا نَوْءَ، ويُثَنَّى ويُجْمَعُ، فيُقالُ: نَوآنِ وأنْوَاءٌ.
          قال: والسَّاقِطَةُ في المغربِ هي الأنواءُ، والطَّالِعَةُ في المشرِقِ: هي البَوَارِحُ. قال: وإنما غَلَّظَ النبيُّ صلعم القولَ ممَّن يقولُ: مُطِرْنَا بنوءِ كذا؛ لأن العربَ كانت تقولُ: إنما هو فِعلُ النجمُ ولا يَجْعَلُوْنَهُ سُقْيَا من الله ╡، وأما مَن قالَ: مُطِرنا بنَوْءِ كذا ولم يُرِدْ هذا المعنى، وإنما أرادَ / مُطِرْنَا في هذا الوقتِ فذلك جائزٌ، كما جاءَ عن عُمَرَ ☺ أنه استسقى بالمُصلَّى ثم قالَ للعبَّاسِ: (كم بَقِيَ من نَوْءِ الثُّريَا؟) فقالَ: إنَّ العلماءَ بها يَزْعُمُوْنَ أنها تَعْتَرِضُ في الأُفقِ سَبْعاً بعد وقوعِهَا، فوالله ما مضَتْ تلكَ السَّبْعُ حتى غِيْثَ النَّاسُ. وأرادَ: كَمْ بَقِيَ من الوقتِ الذي قد جرَتِ العادةُ أنه إذا تمَّ، أتى اللهُ بالمطرِ؟.