تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: لا حلف في الإسلام وأيما حلف

          2858- (الحِلْفُ) أصلُه المُعَاقَدَةُ والمُعَاهَدَةُ على المُعَاضَدَةِ والإتِّفاقِ، فما كان منهُ في الجاهليةِ على القتالِ والفِتَنِ بينَ القبائلِ والغاراتِ فذلكَ الذي وردَ نَفْيُهُ في الإسلامِ والنَّهيُ عنهُ بقولهِ: «لَا حِلْفَ فِي الإِسْلَامِ»، وما كانَ منهُ في الجاهليَّةِ على نصرِ المظلومِ وصِلَةِ الأرحامِ كحلفِ المُطَيِّبينَ وما جرى مجراهُ فهو الَّذي قال فيه رسولُ الله صلعم «وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الجَّاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً» يريدُ من المعاقدةِ على الخيرِ والنَّصرِ للحقِّ وبذلكَ / تآلفَ الحديثانِ.
          وقدْ حالفَ رسولُ الله صلعم في الإسلامِ بينَ قريشٍ والأنصارِ حتى آخَى بينَهم وهذا هو الحِلْفُ الَّذي يقتضِيهِ الإسلامُ، والممنوعُ منهُ ما خالفَ حكمَ الإسلامِ وكان رسولُ الله صلعم من المُطَيِّبِيْنَ، وكانَ عمرُ من الأحلافِ.
          قالَ ابنُ الأعرابيِّ في بعضِ ذلكَ: الأحلافُ سِتُّ قبائلَ عبدُ الدَّارِ وجُمَحُ وسَهْمٌ ومَخْزُوْمٌ وعَدِيٌّ وكَعْبٌ سُمُّوا بذلكَ لأنَّه لمَّا أرادَتْ بنو عبدِ منافٍ أَخْذَ ما في أيدي عبدِ الدَّارِ من الحِجَابَةِ والوِفَادَةِ والقِرَى والسِّقَايةِ وأبَتْ عبدُ الدَّارِ عقَدَ كلِّ قومٍ على أمرهِم حِلفاً مؤكَّداً على ألَّا يَتَخَاذلُوا فأخرجَت بنو عبدِ الدَّارِ جفنةً مملؤةً طِيْباً فوضعَتها لأحلافِهم في المسجدِ عندَ الكعبةِ ثمَّ غمسَ القومُ أيديهم فِيها، وتعاقدَت بنو عبدِ الدَّارِ وحلفاؤُها حِلفاً آخرَ مؤكَّداً على ألَّا يتخاذلُوا فسُمُّوْا الأحلافَ.