التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح

حديث: بينما أنا نائم أطوف بالكعبة فإذا رجل آدم سبط الشعر

          3441- (يَنْطِفُ) بضم الطاء وكسرها، أي: يقطر.
          (أَوْ يُهَرَاقُ مَاء) بتحريك الهاء، و«ماء» مفعول به، والمعنى: يريق الماء، ويأتي فيه ما في «يهراق الدماء».
          (أَعْوَرُ عَيْنِهُ اليُمْنَى كَأَنَّها عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ) ويروى: «كأن عينه طافية»، هو بجر «عينه اليمنى» على الإضافة، و«طافية» بالرفع خبر «كأنَّ».
          ورواه الأصِيْلِيُّ برفع «عينه اليمنى»، كأنه وقف على وصفه بأعور، وابتدأ الخبر عن صفة عينه، فقال: عينه كأنها كذا، ويجوز أن يكون رفعه على البدل من الضمير في «أعور» الراجع على الموصوف، وهو بدل البعض من الكل.
          قال السُّهَيْلِيُّ: ولا يجوز أن يرتفع بالصفة كما ترفع الصفة المشبهة بالفاعل؛ لأن أعور لا يكون إلا نعتًا لمذكر، ويجوز أن تكون «عينه» مرتفعة بالابتداء وما بعدها الخبر، وقوله: «كَأَنَّ عَيْنَهُ طَافِيَةٌ» بالنصب على اسم «كأن»، والخبر فيها مقدر محذوف، وإنَّما يجوز في «أنَّ» و«كأنَّ» أن يحذف الخبر إذا أوقعتها على النكرات، فإن أوقعتها على المعرفة لم يجز الحذف، وأنشد سِيْبَوَيْهُ:
إنَّ محلًا وإنَّ مرتحلا                     ......................
          أي: إن لنا محلًا، وكأنَّه قال في الحديث: كأن في وجهه.
          ولم يجز الحذف مع المعرفة إلا نادرًا بقرينة حال، كقوله ◙ للمهاجرين: «أتعرفون ذلك» يعني الأنصار، قالوا: نعم، قال: «فإن ذلك» أي: فإن ذلك يشكر (1) لهم.
          و من رواه: «عينه طافية» بالرفع فهو جائز، ولكن بتخفيف النون من «كأنَّ».
          ويروى «أعور عينه اليمنى» بخفض العين، فهو من باب قولهم: حسن وجهه، بإضافة الصفة إلى الوجه مع إضافة الوجه إلى الضمير، وهو بعيد في القياس؛ لأنَّه جمَع بين طرفي نقيض، نقل الضمير إلى الصفة مع بقائه في اللفظ مضافًا (2) إليه الوجه، وإنَّما الأصل أن يكون الوجه مرفوعًا مع الهاء ومنصوبًا أو مخفوضًا مع نقل الضمير إلى الصفة، وقد منعها الزَّجَّاجِيُّ، وزعم أن جميع الناس خالف فيها سيبويه، وسيبويه لم يجزها قياسًا وإنَّما أخبر أنَّها جاءت في الشعر، وأنشد:
......... ...............                     كُمَيْتَ الأَعَالِي جُونَتَا مُصْطَلاَهُما
          واعترف سِيْبَوَيْهُ برادءة هذه الوجه، وقد وجدناه في غير الشعر، ذكره أبو عليٍّ الْقَالِي وهو ثقة في صفة النبي صلعم : «شثن الكفين طويل أصابعه»، وقال: هكذا رويته بالخفض، وذكر الهَرَوِيُّ وغيره في حديث أمِّ زَرْعٍ: «صفر ردائها وملء كسائها».
          (وَأَقْرَبُ النَّاس شَبَهًا بِهِ اِبْنُ قطن) قال الزُّهْرِيُّ: رجل من خزاعة هلك في الجاهلية، هو عبدُ العُزَّى بن قَطَنِ بنِ عَمْرِو بْنِ حَبِيبٍ، أمُّه هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أختُ خَدِيْجَةَ، وقال ابنُ سَعْدٍ في «الطبقات»: أكثمُ بنُ أبِيْ الجَوْنِ عبدِ العُزَّى بْنِ مُنْقِذٍ، قال فيه ◙: «أشبه من رأيت به _يعني الدَّجال_ أكْثَمُ بْنُ أبِيْ الجون» فقال أكْثَمُ: / يا رسول الله هل يضرني شبهي إياه ؟ قال: «لا، أنت مسلم وهو كافر».
          وقال ابنُ مَنْدَهْ في أكْثَم: إن النبي صلعم شبَّهه بعَمْرُو بْنُ لَحْي لا بالدجال.


[1] في غير [ب] : شكرٌ.
[2] في غير [ب] : مضاف.