التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح

حديث: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإنَّ بها ظعينة ومعها كتاب

          3007- (أَخْبَرَنِي حَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ) هو محمد بن الحنفية.
          (وأَبُو رَافِعٍ) مولى النبي صلعم ، ولهذا استعظم سفيان هذا الإسناد بقوله: «أي إسناد هذا».
          (رَوْضَة خَاخٍ) بخاءين معجمتين: موضع بينه وبين المدينة اثني عشر ميلًا.
          (الظَّعِيْنَة) المرأة في الهودج، وهذه المرأة يقال لها: سارة مولاة العباس بن عبد المطلب.
          (تُعَادِي بِنَا خَيْلُنا) تجري.
          (أو لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ) كذا، وصوابه في العربية «لَنُلقِنَّ» بحذف الياء؛ لأن النون المشددة تجتمع مع الياء الساكنة فتحذف لالتقاء الساكنين.
          (من عِقَاصِهَا) العِقاص: الخيط الذي يُعقَص به أطراف الذوائب.
          (إِنِّي كُنْتُ مُلصَقًا فِي قُرَيْش) أي: كنت مضافًا إليهم ولست منهم، وقيل للدَّعيِّ في القوم: ملصق.
          (دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا المُنَافِق) إنَّما أطلق عليه ذلك لأن ما صدر منه يشبه فعلهم؛ لأن باطن الكفار بخلاف ما يظهر (1) ، ويحتمل أنَّه قاله قبل قول النبي صلعم : «وقد صدقكم» أو يريد أنَّه وإن صدق فلا عذر له، وإنَّما عذره النبي صلعم لأنَّه كان متأولًا ولم ينافق بقلبه بل ذكر أنَّه كان في الكتاب تفخيم أمر جيش رسول الله صلعم أنهم لا طاقة لهم به فخوَّفهم بذلك ليخرجوا من مكة، وحَسُنَ هذا التأويل تعلُّق خاطره بأهله وولده إذ هم قطعة من كبده، ولقد أبلغ من قال: «قلَّ ما يفلح مَن كان له عيال» لكن لطف الله تعالى به فنجاه بما علم من صحة إيمانه، وغفر له لسابقة بدر وسبقه.
          (وَمَا يُدْرِيْكَ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَكُونَ قَد اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدرٍ وَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم، فَقَدْ غَفَرتُ لَكُم) معنى يُدريكَ: يعلمك، و«لعل» للترجي، لكنه محقق للنبي صلعم .
          وقوله: (اعملوا) من المشكل؛ لأنَّه إباحة مطلقة، وهو خلاف عقد الشرع، فقيل: ليس هو للاستقبال بل للماضي، وتقديره: أيُّ عمل كان لكم فقد غفرته، وهو ضعيف لأن هذا الصادر من حاطب كان في المستقبل من بعد بدر فلو كان للماضي لم يحسن التمسك به هنا، وقيل: بل هو خطاب إكرام وتشريف أن هؤلاء القوم حصلت لهم حالة غُفرت لهم بها ذنوبهم السابقة، وتأهلوا بها أن يغفر لهم ذنوب لاحقة إن وقعت منهم، ولله [درُّ] (2) القائل:
وَإِذَا الحَبِيْبُ أَتَى بِذَنْبٍ وَاحِدٍ                     جَاءَتْ مَحَاسِنُهُ بِألفِ شَفِيْعِ


[1] لعل العبارة: لأن باطن الكفار بخلاف مايظهرون.
[2] ما بين معقوفين زيادة من [ق] وألحقت في [ف] بخط متأخر.