النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

حديث: لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس

          7116- فيه حديث أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلعم قَالَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ ألْيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى الخَلَصَة».
          تكرر هذا الحديث في ((الصَّحيح)) وهو مشكل؛ فإمَّا أن يكون النَّبيُّ صلعم قاله قبل فتح بلاد دوس وهدم ذي الخَلَصَة على يد جابر بن عبد الله فيكون وعدًا بأنَّ الله يفتح بلاد دوس ويمحو ذا الخَلَصَة؛ ويكون المراد باضطراب ألْيَات نساء دوس الكناية على تفجعهنَّ على الصنم حين يجيء المسلمون لهدمه، فتكون كالكناية في قول عنترة:
مَتَى ما تلْقَني فَرْدَيْن تَرْجُفُ                     رَوَانِفُ ألْيَتَيْك وَتُسْتَطَارا
          وإمَّا أن يكون صدور هذا القول بعد هدم ذي الخلصة، فيكون إنذارًا بردَّة دَوْس، وأنَّ نساءهم يرجعن إلى زيارة موضع ذي الخَلَصَة؛ لأنَّ نفس الصنم وبيته قد هُدِما في وقت الفتح.
          وعلى هذين الوجهين فذكر قيام الساعة إبهام للوقت؛ لأنَّ المقصود التبشير أو التحذير من الفعل لا تحديد الوقت. /
          ويحتمل أنَّ الكلام خرج مخرج الوعيد للنساء اللائي ذَهَبْن في زمن الشرك، وأنَّه وقع فيه وهم للراوي نشأ من اختصاره، والمعنى: لا تقوم الساعة حتى يعجِّل الله العذابَ لنساء الشرك باحتراق ألياتهن على حجارة الأصنام في نار جهنم، فيكون من معاني قوله تعالى: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6] ، وقوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء:98] .
          وليس من البعيد على هذا أن يكون اللفظ (حتى تضطرم) بالميم عوض الباء، فوقع اشتباه في لفظ أبي هريرة؛ إذ لعلَّه حدث به في وقت هرمه وسقوط أسنانه.
          وبدون هذه التأويلات يكون الحديث مشكلًا؛ لأنَّ ذا الخلصة مُحِيَ أثره، وقبيلة دَوْس لا تعرف الآن ولا يحصرها موطن ولا جماعة نسب، حتى تعود إلى عبادة ذي الخلصة في آخر الزمان. /