النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

باب غزوة ذات الرقاع

          ░31▒ بابُ غَزْوَةِ ذاتِ الرِّقاع:
          ظاهر التَّبويب وَمَا أخرجه فيه من الأحاديث أنَّ غزوة ذات الرقاع تسمَّى غزوة محارب، وغزوة غطفان، وغزوة نخل، وغزوة قِبَل نجد؛ وغزوة ذات القرد، وأنَّها التي شرعت فيها صلاة الخوف، ويستدل لذلك من تكرر الحديث عن سلمة بن الأكوع وجابر بن عبد الله وابن عباس وأبي موسى الأشعري وسهل بن أبي حَثْمة وأبي هريرة؛ لأنَّ جَميعهم حدَّث حديث صلاة الخوف، وكلُّهم ذكر غزاة، فَلَو كانت صلاة الخوف قد وقعت في عدة غزوات لحَدَّثوا بذلك.
          ثمَّ إنَّ البخاريَّ جزم بأنَّها بعد خيبر؛ لأنَّ أبا موسى الأشْعري حدَّث أنَّه شَهِدَ ذات الرقاع، وإنَّما جَاءَ أبو موسى الأشعري بعد خيبر، فيقتضي أن يكون ذات الرقاع في سنة سبع.
          ثُمَّ إنَّ البخاريَّ ترجم لغزوة ذي قرد ترجمة خاصة، وَجَزَمَ بِأَنَّهَا قبل خيبر بثلاث سنين، وَأَخَّرَهَا فِي التَّرتيب عَنْ غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ / وَعَنْ غزوة الحديبية، مع أنَّ كونها قبل خيبر بثلاث سنين يقتضي أن تكون قبل الحديبية، فالظَّاهر أنَّ البخاريَّ لم يحصل له الجزم بترتيب هذه الغزوات بعضها مع بعض.
          وتحديثُ الجمع من الصحابة بحديث صلاة الخوف في غزوات ذات أسماء مختلفة لا يقتضي اتحاد مسمَّياتها؛ لأنَّ صلاة الخوف من شأنها أن تتكرَّر بعد أن شرعت؛ ولأجل هذا أخرج حديث الأعرابي الذي اخترط السيف في هذا الباب، وفي باب غزوة بني المصطلق.