الصحيح من الأخبار المجتمع على صحته

حديث: هل رأى أحد منكم رؤيا

          1440- وَعَن أَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ، حَدَّثَني(1) سَمُرَةُ بنُ جُنْدُبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم مِمَّا يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا؟»، قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيهِ مَنْ شَاءَ(2) اللهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ: «وإنَّهُ(3) أَتَاني اللَّيْلَةَ آتِيانِ _أَو اثْنَانِ ابْتَعَثَانِي(4)_ فَقَالَا لِي: انْطَلِقْ، انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، / وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ(5) مُضطجِعٍ لِقَفَاهُ، وَإنَّ(6) آخَرَ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ(7)، فَإِذَا(8) هُوَ يَهْوي بِالصَّخْرَةِ لِرَأسِهِ، فَيَثْلَغُ(9) رَأْسَهُ فَيَتَدَهدَهُ(10) هَاهُنَا، فَيَتْبَعُهُ فَيَأْخُذُهُ، فَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ(11) الْمَرَّةَ الْأُولَى، قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللهِ! مَا هَذَا؟ قَالَا لِي: انْطَلِقْ، انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا. وَإَنَّا أَتَيْنَا(12) عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ(13) لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ(14) مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا(15) هُوَ أَخَذَ بِشَقَّي(16) وَجْهِهِ، فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ(17) إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَمَا(18) يَفْرُغُ مِنْهُ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللهِ! مَا هَذَا؟ قَالَا لِي: انْطَلِقْ(19). فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ بِنَاءٍ كَالتَّنُّورِ(20). قَالَ: وَأَحْسِبُ أَنَّهُ قَالَ: فَسَمِعْنَا فِيهِ لَغَطًا وَأَصْوَاتًا، فَاطَّلَعْنَا(21) فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ(22) رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوا(23). قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَا لِي: انْطَلِقْ، انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ _حَسِبْتُهُ قَالَ: أَحْمَرَ مِثْل الدَّمِ_ وَإِذَا(24) فِي النَّهَرِ شَيْخٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَاطِئِ النَّهَرِ رَجُلٌ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ إذَا يَسْبَحُ(25)، ثُمَّ يَأْتِي(26) ذَلِكَ(27) الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ(28) فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا، فَيَذهَبُ فَيَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ / فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا، قَالَ: قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَا لِي(29): انْطَلِقْ، انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ، كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً، وَإِذَا هُوَ عِنْدَ نَارٍ يَحُشُّهَا(30)، وَيَسْعَى حَوْلَهَا، قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ قَالَا لِي(31): انْطَلِقْ، انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا(32)، فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْجَبَةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَي(33) الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: قُلْتُ: مَا هَذَا؟ مَا(34) هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَا لِي(35): انْطَلِقْ، انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَينَا عَلَى دَوحَةٍ(36) عَظِيمَةٍ، لَمْ أَرَ دَوحَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلَا أَحْسَنَ، فَقَالَا لِي: ارْقَ فِيهَا، فَارْتَقَيْنَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ، وَلَبِنِ(37) فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ، فَاسْتَفْتَحْنَاهَا، فَفُتِحَ لَنَا، فَدَخَلْنَاهَا، فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ، شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ _أَو كَمَا قَالَ_ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، قَالَا لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ، وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ كَأَنَّ مَاءَهُ والْمَخْضَ فِي(38) الْبَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا، وَقَدْ ذَهَبَ السُّوءُ عَنْهُمْ، وَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ. قَالَ: قَالَا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَا هُوَ ذَاكَ(39) مَنْزِلُكَ. قَالَ: فَسَمَا(40) بَصَرِي(41) صُعُدًا، وَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ(42) الْبَيْضَاءِ. قَالَا لِي: هَو(43) ذَاكَ مَنْزِلُكَ، فَقُلْتُ(44) لَهُمَا: بَارَكَ اللهُ فِيكُمَا، ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ، قَالَا: أَمَّا الْآنَ فَلَا، وَأَنْتَ دَاخِلَهُ.
          قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: إِنِّي رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ قَالَا: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ: أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ رَّجُلٌ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ، وَيَنَامُ / عَن الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ. وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ(45) شِدْقُهُ وعَيْنُهُ وَمَنْخِرَاهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الْآفَاقَ. وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُم الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي. وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ، وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا. وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ، الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ، فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ، فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ».
          فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: «وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ. وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا(46) شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطْرٌ قَبِيحًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا، وَآخَرَ سَيِّئًا، فَيُجَاوَزُ(47) اللهُ عَنْهُمْ». والله أعلم(48). [خ¦7047]


[1] في (ح) و(د): «حدثنا».
[2] في (د): «رأى».
[3] في (ح) و(د): «إنَّه».
[4] صورتها في الأصل: «آتياني أو اثنان ابتعثان»، في (ح):«أتاني الليلة اثنان أو اثنان ابتعثاني» في (د): «أتاني الليلة اثنان أو آتيان انبعثاني».
[5] في (د): «لرجل» بدل قوله: «على رجل».
[6] في (ح) و(د): «وإذا».
[7] في (د): «قائم على صخرة».
[8] في (ح) و(د): «وإذا».
[9] جاء في هامش (ح): «يثلغ: يشج رأسه. الثلغ، و...، و... بمعنى واحد».
[10] جاء في هامش (ح): «الدهدهة: النكوس إلى ورائه، والرجوع: القهقرى».
[11] في (ح) بزيادة: «به» وفي (د): «كما فعل في المرة».
[12] في (د): «معهما فأتينا».
[13] في (د): «مستلقي».
[14] جاء في هامش (ح): «الكلوب: جمع كلب وهو القطعة من السلسلة، وهي كلاليب أيضًا».
[15] كذا في الأصل وفي (ح) و(د): «فإذا».
[16] في الأصل: «بشطي»، وفي (د): «شقَّي».
[17] جاء في (ح) و(د): «شدقيه».
[18] في الأصل: «كما»، والمثبت ما جاء في (ح).
[19] زاد في (د): «انطلق».
[20] في (ح) و(د): «بناء التنور».
[21] في الأصل: «فانطلقنا» والمثبت ما جاء في (ح) و(د).
[22] في (ح) و(د): «هم».
[23] جاء في هامش (ح): «الضوضاء: الأصوات المرتفعة».
[24] زاد في (ح) و(د): «هي».
[25] في (ح) و(د): «سبح».
[26] في (ح) و(د) بزيادة: «إلى».
[27] زاد في (د): «الرجل».
[28] جاء في هامش (ح): «يفغر فاه: يفتح فاه».
[29] قوله: «لي» ليس في (ح) و(د).
[30] جاء في هامش الأصل: «يحشها: أي يوقدها».
[31] قوله: «لي» ليس في (ح) و(د).
[32] قوله: «فانطلقنا» ليس في (د).
[33] في (د): «ظهراني».
[34] في (د): «أو ما» وفي (ح): «وما».
[35] في (ح): «قالا» بدل قوله: «فقالا لي».
[36] جاء في هامش (ح): «والدوحة: الشجرة».
[37] في (ح) و(د): «وبلبن».
[38] في (د): «ماءه المخض من» وفي (ح): «المخص» بدون الواو.
[39] في (ح) و(د): «ذا».
[40] في (ح) و(د): «فبينما».
[41] جاء في هامش الأصل: «فسما بصري: أي ارتفع بصري...».
[42] جاء في هامش (ح): «الربابة: السحابة».
[43] في (ح) و(د): «ها هو».
[44] في (د): «قلت».
[45] جاء في هامش (ح): «يشرشر: يمزق».
[46] في (ح) و(د): «كان».
[47] في (د): «فتجاوز».
[48] قوله: «والله أعلم» ليس في (د).