تحفة السامع والقاري في ختم صحيح البخاري

المقدمة

          ♫
          (وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم)(1)
          الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، حمدًا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه القديم.
          والحمد لله منشئ الخلائق أجمعين، والسماوات والأرضين، حمدًا يستوجب شكر فضله العميم.
          والحمد لله الذي أرشد لحمده وتنزيهه عبادَه الموحِّدين، وثقَّلَ بذلك موازينَهم فيافوز المخلصين، ومَن هو في الطاعة مقيم.
          والحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب المبين، تِبيانًا لكلِّ شيءٍ، وهدًى ورحمةً وبُشرى للمسلمين، وكان نزوله في مثل هذا الشهر العظيم.
          والحمد لله الذي لا إله إلَّا هو بالقطع واليقين، لا شريك له، ولا مدبِّر معه، ولا ناصر ولا معين، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] العزيز الحكيم.
          والحمد لله الموصوف بكلِّ كمال وأنَّه استوى على العرش من غير كيف ولا تعيين، وأنَّه منزَّهٌ عن صفات النقص والحدوث وسائر أوصاف المخلوقين، فهو مولانا وبنا رؤوف رحيم.
          فسبحان الله حين المساء والصباح، والحمد لله حين يقال: حي على الفلاح، ونأمن من المخاوف والتهويل.
          وسبحان الله عدد خلقه، مُقِرًّا بعبوديته ورِقَّه، معترفًا بالعجز عن شكر ما أولانا من جميل.
          وسبحان الله رضى نفسه، راجيًا بلوغ مرتبة ذاكره في يومه وأمسِه، موقنًا بأنَّه لا ضدَّ له ولا معاند ولا مثيل.
          وسبحان الله زنة عرشه، مستغفرًا لما يبدو في القول من فحشه، مؤمِّلًا القبول، فهو حسبي ونعم الوكيل.
          وسبحان الله مداد كلماته، سائلًا منه غفرانه، ومزيد صِلاته، ملتمسًا اتباع السنة، والاقتداء بالتنزيل.
          وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلَّا الله، والله أكبر، عدد ذنوبنا الجمَّة حتى تمحى(2) وتُغفر، ونحظى بفضل التسبيح والتهليل.
          أحمده سبحانه على ما مَنَّ به من تلاوة حديث رسوله، / والاعتناء بأصحِّ ما صُنِّفَ في ذلك من منقوله، لا سيما في هذه الأيام الشريفة، (وأشكره)(3) ليتفضَّل عليَّ في هذا العمل بقبوله، ويبلغ كلامنا نهاية مأموله، ويجعل النية فيه بالإخلاص محفوفة.
          (وأشهد أن لا إله إلَّا الله) (4)وحدَه لا شريك له، الأول الآخر، المقتدر القادر، مصرِّف الأيام والشهور، (وأشهد أنَّ سيِّدنا محمَّدًا عبده ورسوله) (5)، الفاتح الخاتم، العامل العالم، ذو الشفاعة العظمى، والفخر المأثور، اللَّهُمَّ صلِّ عليه في الأوَّلين، وصلِّ عليه في الآخِرين، وصلِّ عليه في الملأ الأعلى إلى يوم الدين، وصلِّ عليه كلَّما ذكرك الذاكرون، وصلِّ عليه كلَّما غفل عن ذكرك الغافلون، وصلِّ عليه في الليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلَّى، وصلِّ عليه في الآخرة والأُولى، وصلِّ على أزواجه وذُرِّيَّته وآل بيته وأنصاره وأصحابه وأُمَّته، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، وصلِّ على سائر الأنبياء والمرسلين، وآته الوسيلة والفضل والفضيلة، والدرجة الرفيعة العالية، وأبلغه مأموله، فهو سيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول ربِّ العالمين، وخاتم النبيين، وقائد الغر المُحجَّلين، الشاهد البشير، الداعي إلى الله بإذنه السراجُ المنير، صلعم، وشرَّف وكرَّم، ما خُتم كتاب، وأمطر سحاب.
          ورضي الله عن ساداتنا أصحاب رسول الله أجمعين، المهتمِّين بنشر آثاره في العالمين، والمؤيَّدين بالنصر والبراهين، والقامعين لأهل الشرك والمبتدعين.
          ورضي الله عن التابعين لطريقهم والمجتهدين في تحقيقهم(6)، لا سيما الإمام المجتهد العظيم الشأن، المدعو: أبا حنيفة، والمسمَّى بالنُّعمان.
          ومَن تبعهم مِن الأعلام، القائمين بوظيفتي التبليغ والإعلام، لا سيما المجتهد الناسك إمام دار الهجرة: مالك. / والسالكين أثرهم ممَّن رفع الله قدرَهم، لا سيما المجتهد النفيس الإمام: محمد بن إدريس، أوحد الأئمَّة، وعالم قريش من هذه الأُمَّة.
          والمجتهد المبجَّل، الذي بالعلم والورع والخوف(7) تسربل، وبذل نفسه وسبَّل(8)، شيخ(9) السنة: أحمدُ ابن حنبل، وناصر السنة، أوَّل مَن صنَّف الصحيح وسنَّه: محمَّد بن إسماعيل، المستغني باستفاضة مناقبه عن إقامة البرهان والدليل، ومع ذلك فقد أفرد النقاد(10) خصائصه ومناقبه، وجمعوا مآثره ومقانبه:


[1] ما بين قوسين ليس في (ب).
[2] في الهامش في (ب) بدون إشارة: (يعني: سبحان: هو منصوب على أنه اسم واقع موقع المصدر؛ أي: سبحت الله سبحانًا؛ أي: نزهته على النقائص مطلقًا).
[3] ما بين قوسين بياض في (ب).
[4] ما بين قوسين بياض في (ب).
[5] ما بين قوسين بياض في (ب).
[6] زيد في (ب): (من الأعلام القائمين بوظيفتي التبليغ والإعلام).
[7] في (ب): (وبخوف).
[8] في (ب): (وبسل).
[9] في (ب): (وفتح).
[10] في (ب): (النقاب).