تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث:يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله

          3088- (الغَمَامَةُ وَالظُّلَّةُ) / ما سَتَرَ بينكَ وبين ما فوقَها من السَّحابِ الكثيرِ، وقد تكون الظُّلَّةُ السحابةُ، ويُقالُ: الظُّلَّةُ أولُ سحابةٍ تُظِلُّ، وقد تكون ما يُتَّخَذ مما يُستظلُّ به، والجمعُ ظِلالٌ، ورُوِيَ عن ثعلبٍ أنه قالَ: الظَّلالُ بالفتحِ ما أظَلَّكَ، والظِّلالُ جمعُ ظِلٍّ، وقيلَ: سُمِّيَ الغَمَامُ غَمَاماً؛ لأنَّهُ يغمُّ السماءَ، أي يستُرُها، وقيل: لأنه يَغُمُّ الماءَ في جوفِهِ، وقيل: بَغَمْغَمَتِهِ وهو صوتُهُ، والغَمَامُ واحدٌ وجماعةٌ.
          (بَيْنَهُمَا شَرْقٌ) أي ضوءٌ، والشَّرْقُ الشمسُ، والشرقُ الشَّقُّ، والشَّرْقُ المَشْرِقُ.
          (خِرْقَانِ) كذا ههُنا في حديثِ النَّوَّاسِ بالخاءِ فإن كانَ محفوظاً، فالخَرقُ ما انخرَق من الشيءِ وبانَ منهُ وتحيَّزَ عنهُ، يُقالُ: خَرَقْتُ الشيءَ: أي فَصَلْتُهُ مما يليهِ، قالَ اللهُ تعالى: {حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِيْنَةِ خَرَقَهَا} [الكهف:71] أي شقَّ فيها شِقّاً أزالَ به ما كان مُنْضَمّاً وانفسحَ منهُ ما كان مُتصلاً، ومن ذلكَ الخَرْقَاءُ وهي التي شُقَّ في أذنها شَقٌّ انحازَ بهِ بعضٌ من بعضٍ فصارَ نَقباً مُستديراً، والخَرْقُ المفازَةُ لتباعدِ أقطارِهَا وانفساحِ نواحِيْهَا، وكانَ الفتحُ على هذا في الخاءِ أولى إلا أنَّ في اللُّغَةِ أن الخِرْقَةَ القطعةُ من الجرادِ وأنَّ الخِرْقَ السَّخِيُّ الكريمُ الذي ينخرقُ في السَّخاءِ، فَفِي هذا تعلقٌ لمن رواهُ بكسرِِ الخاءِ. وفي روايةِ أبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ: «كَأَنَّهَا فِرْقَانٌ مِنْ طَيْرٍ»: والفِرْقُ والفَرِيْقَةُ القطعةُ من الشيءِ المنحازةُ عنهُ، قال تعالى: {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيْمِ} [الشعراء:63] أي كلُّ قطعةٍ كالجَّبَلِ العظيمِ، وأصلُهُ من التَّفريقِ.