تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: سمع الله لمن حمده

          3020- (سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) أي تقبَّلَ اللهُ منهُ حَمْدَهُ وأجابَ حَمْدَهُ، وتقولُ: اللَّهُمَّ اسمَعْ دعائي، أي: أجب دعائي؛ لأنَّ غرض السائل الإجابة والقبول، / فذكر مراده وغرضه باسم عندَهُ للاشتراكِ الذي بينَ القبولِ والسَّمعِِ، فوضَعَ السَّمْعَ موضعَ القَبُوْلِ والإجابةِ، ومنهُ قوله: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُوْنِ} [يس:25]، أي اسمعُوا مني سمعَ القَبُوْلِ والطَّاعةِ، ومنهُ قولُهُ: «أَعُوْذُ بِكَ مِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ» أي لا يُجابُ.
          (يَبْتَدِرُوْنَهَا) أي يُسْرِعُوْنَ إليها، يُقالُ: بدرتُ إلى الشيءِ وبادرتُ، أي أسرَعتُ.
          [(رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ) الحمدُ: الرِّضَا، يُقالُ: حَمَدْتُ الشَّيءَ إذا رضيتَهُ، وأَحْمَدتُهُ وجدتُهُ مَحموداً مرضيّاً، قالَ ابنُ عَرَفَةَ: وقالَ آخرونَ: الحمدُ هو الشُّكْرُ؛ لأنَّهم رأوا المصدرَ بالشُّكرِ صادّاً عن الحمدِ، كقولهم: الحمدُ للهِ شُكراً، والمصدرُ يخرجُ من غيرهِ كقولهم: قَتَلَهُ صَبْراً، والصَّبرُ غيرُ القتلِ.
          (وَالشُّكْرُ) الثَّنَاءُ وكلُّ شاكرٍ حامدٌ وليسَ كلُّ حامدٍ شاكرٌ، وربَّما جُعِلَ الحمدُ مكانَ الشُّكْرِ ولا يُجْعَلُ الشُّكْرُ مكانَ الحمدِ كذا قال صاحبُ هذا القولِ، وقيلَ: الشُّكْرُ ثلاثةُ منازلَ: شكرُ القلبِ وهو الاعتقادُ بأنَّ الله وليُّ النعمِ كُلِّها على الحقيقةِ، قالَ تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله} [النحل:53] وشُكْرُ اللسانِ وهو إظهارُ النِّعْمَةِ باللِّسَانِ مع الذِّكرِ الدائمِ لله ╡ والحمدِ للهِ تعالى، قالَ تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:11] والحمدُ لله رأسُ الشُّكرِ كما أن كلمةَ الإخلاصِ وهي لا إله إلا الله رأسُ الإيمانِ، والثالثُ شكرُ العملِ وهو دُؤُوْبُ النَّفْسِ على الطاعةِ، قال تعالى: {اعْمَلُوْا آلَ دَاوُوْدَ شُكْراً} [سبأ:13]
(1).


[1] ما بين معقوفين ورد في المخطوط ضمن الحديث التالي.