النكت على صحيح البخاري

أسانيد المؤلف للبخاري

          ولمَّا أن حصل الوفاء بما وعدت به من الشرائط في تمهيد هذه الضوابط، رأيتُ أنْ أبدأَ الكلام على هذا المختصر بأسانيدي إلى الأصل بالسماع والإجازة، وأنْ أسوقَهَا على نمط مخترع، فإنَّنِي سمعت بعض فضلاء اليمن يقول: الأسانيد أنساب الكتب، فأحببت أن أسوق هذه الأسانيد مَسَاقَ الأنساب.
          فأقول_وبالله التوفيق_: اتصلت لنا رواية صحيح البُخَارِيِّ عنه من رواية أبي عبد الله محمدِ بنِ يوسفَ بنِ مطر بن صالح بن بِشْر الفَرَبْرِيِّ عنه (1) ، وكانت وفاته في سنة عشرين وثلاثمائة، وله نحو من تسعين سنة، وكان سماعه للصحيح مرتين: مرة بفَرَبْرَ سنة ثمان وأربعين، ومرة بِبُخَارى سنة اثنين وخمسين ومائتين.
          ومن رواية إبراهيمَ بنِ مَعْقِل بنِ الحَجَّاجِ النَّسَفِيِّ، وكان من الحفاظ ومات سنة أربع وتسعين ومائتين، وله تصانيف، وفَاتَه من الجامع أوراق، رُوي بعضها بالإجازة عن البُخَارِيِّ، نبَّه على ذلك / أَبُو عَلِيٍّ الجَيَّانِي في «تقييد المهمل».
          ومن رواية حمَّاد بن شاكر النَّسَوي ولم أعرف متى مات.
          ومنْ رواية أبي طَلْحَةَ منصورِ بنِ محمد بنِ علي بنِ قَرِيْنَةَ_بفتح القاف وكسر الراء وقبل الهاء نون_ البَزْدَوي، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وهو آخر من حدَّث بالصحيح عن البُخَارِيِّ.
          فأمَّا الفَرَبْرِيُّ: فاتصلت إلينا الرواية عن طريق: أبي إِسْحَاقَ إبراهيمَ بنِ أحمدَ الحافظِ الْمُسْتَمْلِيِّ، وكانت رحلته إلى الفَرَبْرِيِّ سنة أربع عشرة وثلاثمائة.
          والإمَامِ أبي زيد محمد بن أحمد المَرْوَزي الفقيه الشافعي، وكان سماعه منه سنة ثمان عشرة.
          والحافظِ أبي عليٍّ سعيد بن عثمان بن سعيد بن السَّكَنِ، وهو أولُ من حَدَّثَ عن الفَرَبْرِيِّ بالصحيح.
          وأبي علي محمدِ بنِ عُمَرَ بنِ شَبَّوَيْه الشَّبَّوِي المَرْوَزي.
          وأبي محمد عبد الله بْنِ أحمدَ بنِ حَمَّوَيْه السَّرَخْسِيِّ، وكانت رحلته إليه سنة خمسة عشرة.
          وأبي الهيثم محمدِ بنِ مَكِيِّ الكُشْمِيهَنِيِّ، وكان سماعه منه سنة عشرين وثلاثمائة، سنةَ موته.
          وأبي أحمد محمد بن محمد بن مَكِيِّ الجُرْجَانِيِّ.
          وأبي علي إسماعيل بن أبي نصر محمد بن أحمد بن حاجب الكُشَّانيِّ، وهو آخر من حدَّث بالصحيح عن الفَرَبْرِيِّ.
          فأمَّا الحافظُ الْمُسْتَمْلِيُّ: فرواه عنه الحافظ أبو ذَرٍّ عبدُ بن أحمد الهَرَويُّ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ (2) بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ الهَمْدَانِيُّ.
          وأمَّا الإمَام أبو يزيد المروزي: فرواه عنه الحافظ أبو نُعَيْمٍ الأصْبَهَانِيُّ والحافظ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَصِيْلِيُّ، والإمَام أبو الحسن عليُّ بنُ محمدٍ القَابِسِيُّ.
          وأمَّا الحافظ أبو عليِّ بنُ السَّكَنِ: فرواه عنه عبد الله بن محمد بن أسد الجُهَنِي.
          وأمَّا أبو علي الشَّبَّوِي (3) : فرواها عنه أبو العباس الوليدُ بنُ بكر الغَمْري، وعبد الرحمن بن عبد الله الهَمْدَاني.
          وأمَّا عبدُ الله بنُ أحمدَ السَّرْخَسِيُّ: فرواه عنه أبو ذَرٍّ الْهَرَويُّ الحافظ، وأبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن الْمُظَفَّرِ الدَّاووديُّ.
          وأمَّا إبراهيمُ الكُشْمِيْهَنِيُّ: فرواه عنه أبو ذَرٍّ الهَرَويُّ أيضًا، وأبو سَهْلٍ محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ الله الحَفْصِيُّ، وَكَرِيْمَةُ بنتُ أحمد الْمَرْوَزِيَّة.
          وأمَّا أبو أحمد الجُرْجَانيُّ: / فرواه عنه القَابِسِيُّ، وأبو نُعَيْم أيضًا.
          وأمَّا الكُشَّاني: فرواه عنه أبو العباس الْمُسْتَغْفِرِيُّ، وأبو القاسم علي بن أحمد بن مهران المدني، وأبو عبد الله الحسين بن محمد الخَلَّال البغدادي.
          فأمَّا رواية أَبِي ذَرٍّ عن مشايخه الثلاثة: فاتصلت لنا بالسماع من طريق ولده أبي مكتوم عيسى بن أَبِي ذَرٍّ عنه: أخبرنا بذلك أبو محمد عبدُ الله بن محمد بن محمد بن سُلَيْمَانَ النَّيْسَابوريُّ قِرَاءَةً عليه وأنا أسمع بالمسجد الحرام وإجازةً، قال: أخبرنا الإمَام أبو أحمدَ إبراهيمُ بنُ محمد بن أبي بكر الطَبَرِي: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي حَرَمِي الكاتبُ قراءةً عليه وأنا أسمع سوى من باب قول الله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [هود:84] إلى باب مبعث النبي صلعم فإنَّه إجازةً، قال: أخبرنا أبو الحسن عليُّ بن حُمَيْد بن عمَّار الطَّرَابلسي، أخبرنا أبو مكتوم فذكره.
          وأمَّا روايةُ الهَمَدَانيِّ عن شيخه: فسيأتي بعد.
          وأمَّا رواية الحافظ أبي نُعَيْمٍ عن شيخه: فأنبأنا بها عمرُ بنُ حَسَنٍ الْمَرَاغِي في عموم إذنه للمصريين، عن علي بن أحمد بن عبد الواحد، عن أبي جعفر محمد بن أحمد الأصبهاني، عن الحسن بن أحمد المقرئ عنه عن شيخيه.
          وأمَّا رواية الأَصِيْلِيِّ عن شيخيه: فأنبأنا بها أبو علي محمد بن أحمد بن علي الْمَهْدَوِي البزَّاز، عن يحيى بن محمد بن سعد، عن جعفر بن علي المقرئ، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدِّيبَاجِي: أخبرنا عبدُ الله بنُ محمد بن محمد بن علي الباهليُّ، قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الجِيَاني في كتاب «تقييد المهمل» له: أخبرنا أبو شاكر عبدُ الواحدِ بنُ محمد بنِ مَوْهَب وغيره عنه.
          وأمَّا رواية أبي الحسن القَابِسِيِّ عن شيخه: فهذا الإسناد إلى أبي علي الجيَّاني: أخبرنا أبو القاسم حاتم بن محمد بن عبد الرحمن التميمي بقراءتي عليه: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أبي بكر القَابِسِيُّ.
          وأمَّا رواية الجُهَنِيِّ عن ابن السَّكَنِ: فبهذا الإسناد إلى أبي علي الجَيانِي: أخبرنا القاضي أبو عمر أحمد بن محمد بن يحيى المعروف بابن الحذَّاءِ بقراءتي عليه، وأبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البرِّ إجازةً / قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أسد الجُهَنِي، وكان فقيهًا ضابطًا فذكره.
          وأمَّا رواية الوليد بن بكر والهَمْدَاني: فأنبأنا أبو حيَّان محمد بنُ حيَّانَ بنِ أبي حيَّان، عنْ جَدِّه العلاَّمة أبي حَيَّانَ الغَرْنَاطِيِّ، عن أبي عليِّ بن أبي الأَحْوَص، عن أبي القاسم أحمدِ بنِ يزيدَ بنِ بَقِي، عن شُرَيْح بن محمد، عن ابن أحمد بن سعيد، عن عبد الرحمن بن عبد الله الهَمْدَاني، أخبرنا أبو علي بن شَبَّوِي والْمُسْتَمْلِيُّ.
          وأمَّا رواية أبي الحسن الدَّاووديِّ_وهي أعلى الروايات كلها ؛ لكونها أقل عددًا، مع اتصالها بالسماع_: فأخبرنا بها المشايخ أبو محمد عبد الرحيم بن عبد الكريم الحَمَوِي بقراءة أبي عبد الله بن ظهيرة عليه بمصر، وأبو علي محمد بن محمد بن علي الجِيْزِي قراءة عليه وأنا أسمع بمصر أيضًا، قالا: أخبرنا الشيخان أبو العباس أحمد بن أبي طالب بن أبي النِّعْمَةِ بن الشُّحْنَة، وستُّ الوزراء بنت عمر بن أسعد التَّنُوخِيَّة، قالا: أخبرنا الحسين بن أبي بكر المبارك بن محمد بن يحيى الزُّبَيْدِي قراءةً عليه ونحن نسمع.
          قال ابنُ الشُّحْنَة: وكتب إليَّ أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر القَطِيعي، وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن رُوزَبْه القَلانِسِي، قال الثلاثة: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الهروي، أخبرنا الداوودي.
          (ح) وأخبرنا به أيضًا أبو إِسْحَاقَ إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد التَّنُوخي قراءةً عليه وأنا أسمع، وقرأت عليه بعضه: أخبرنا ابن الشُّحْنَة بسنده.
          (ح) وأخبرنا به أيضًا أبو الحسن عليُّ بن محمد بن محمد أبي المجد الدمشقي قراءةً عليه وأنا أسمع، وقرأت عليه بعضها، قال: قُرئ على ست الوزراء المذكورة بسندها وأنا أسمع.
          قال شيخنا: وأنا لي إجازة المشايخ: قاضي القضاة تقي الدين أبو محمد سُلَيْمَانُ بنُ حمزةَ بنِ أحمد بن عمر المقدسي، وأبو بكر بن أحمد بن عبد الدَّايم، وعيسى بن عبد الرحمن بن مَعَالي الْمُطْعِمُ، قالوا (4) : أنبأنا الزبيدي.
          قال القاضي: وكتب إلي القَلانِسِي، والقَطِيعي، ومحمد بن زهير شَعْرَانة، وثابت بن محمد الخَجْنَدِي وغيرهم قالوا: أخبرنا أبو الوقت به.
          وأمَّا رواية أبي سَهْلٍ الحَفْصِي: فأنبأنا بها / شيخنا أبو إِسْحَاقَ التَّنُوخِي المذكور، عن علي بن محمد بن مَوْدُوْد، عن عبد الخالق بن أنْجَب بنِ الْمُعَمَّر الْمَارديني، عن وَجِيْهِ بنِ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيِّ عنه.
          وأخبرنا بها أيضًا شيخنا المذكور عن أبي نصر محمد بن محمد بن محمد بن هبة الله الشِّيرازي عن جده، قال: لنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن عَسَاكر الدمشقي: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الصَّاعِدي الفَرَاوِي، أخبرنا الحفصي.
          وأمَّا رِوَايَةِ كَرِيمَةَ بنتِ أحمدَ الْمَرْوَزِيَّة: فأخبرنا بها شيخنا الحافظ أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي قراءةً عليه وأنا أسمع لبعضه وإجازة لباقيه: أخبرنا أبو علي عبد الرحيم بن عبد الله الأنصاري: أخبرنا الْمُعِين أحمد بن علي بن يوسف الدمشقي وغيره سماعًا من إجازةٍ: أخبرنا أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ بنِ مسعودٍ البُوصَيْرِي: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بركات النَّحْوي السَّعِيْدِي، قال: أخبرتنا كريمة.
          وأمَّا رواية الْمُسْتَغْفِرِيِّ: فأنبأنا بها أبو عبد الملك محمد بن علي بن محمد بن ضرغام البكري، عن صالح بن مختار، عن محمد بن عبد الهادي، عن الحافظ أبي موسى المديني، عن أبيه، عن الحسن بن أحمد عنه.
          وأمَّا رواية أبي القاسم بن مِهْران عن الكُشَّانِي: فأنبأنا بها أبو عليٍّ الْمَهدَويُّ، عن يونس بن أبي إِسْحَاقَ عن الحسن بن المُقَيَّرِ، عن أبي الفضل بن ناصر، عن أبي القاسم ابن مَنْدَه عنه.
          فهذه الطرق التي سقناها ترجع كلها إلى رواية الفَرَبْرِيِّ على ما أصَّلْنَاه.
          وأمَّا رواية إبراهيمَ بنِ مَعْقِلٍ النَّسَفِيِّ عن البُخَارِيِّ: فأنبأنا بها أبو علي البزَّاز بسنده المتقدِّم إلى أبي علي الجَيَّاني: أخبرنا أبو العاص الحكم بن محمد بن الحكم الجُذَامِي: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن أبي عمران الهَرَوي بمكة سنة اثنين وثمانين وثلاثمائة سماعًا لبعضه وإجازة لباقيه: حَدَّثَنَا أبو صالح خلف بن محمد بن إسماعيل، حَدَّثَنَا إبراهيمُ بنُ مَعْقِلٍ النَّسَفِيُّ، حدَّثَنا أبو عبد الله البُخَارِيُّ من أول الكتاب إلى باب:{يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللهِ } [الفتح:15] سماعًا عليه، ومن كتاب الأحكام إلى آخره إجازةً منه.
          وأمَّا رواية حَمَّادِ بنِ شاكر عن البُخَارِيّ: فأنبأنا بها أبو الفتح عبد الرحيم بن أحمد بن المبارك / المقرئ، عن يونس بن أبي إِسْحَاقَ، عن علي بن الحسين بن علي بن منصور، عن الحافظ أبي الفضل محمد بن ناصر، عن أبي بكر أحمد بن علي بن خلف الشِّيرازي، عن الحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الحافظ: أخبرني أحمد بن محمد النَّسَوِي: حدثنا حماد بن شاكر عن البُخَارِيِّ سماعًا عليه من أول الكتاب إلى قُبيل أبواب الأحكام، والباقي إجازةً.
          وأمَّا رواية أبي طلحة البَزْدَوِيِّ عن البُخَارِيِّ: فأنبأنا بها ابنُ ضُرْغَام بسنده المتقدم إلى الْمُسْتَغْفِرِيِّ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد العزيز المقرئ (5) وغيره عنه.
          وإذا انقضى ما أردنا من هذه الفوائد، وأفردناه من هذه الفوائد؛ فلنشرع فيما قصدناه في إيراد النُّكت المتعلقة بالجامع على ترتيبه الواقع، والاقتصار منه على رواية واحدة، مع التنبيه على ما يحتاج إليه مما يخالفها، أقرب إلى مقصود الاختصار، وأبعد مما لا طائل تحته من الإكثار، فأقصرت على رواية الحافظ أَبِي ذَرٍّ الهَرَوِي لإثباته وضبطه، أعان الله على إكماله بمنِّه واتصاله، آمين.


[1] في الأصل: ((عني)).
[2] في الأصل: ((وعبد الله)).
[3] في الأصل: ((السنوي)).
[4] في الأصل: ((قال)).
[5] في الأصل: ((المَقْبُري)).