النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

باب: لا يقول فلان شهيد

          ░77▒ باب لاَ يَقُولُ فُلاَنٌ شَهِيدٌ
          هذا تبويب غريب؛ فإنَّ إطلاق اسم الشهيد على المسلم المقتول في الجهاد الإسلامي ثابت شرعًا، ومطروق على ألْسنة السلف فَمَن / بعدهم، وقد ورد في حديث ((الموطأ)) و((الصحيحين)): أنَّ الشهداء خمسٌ غير الشهيد في سبيل الله، والوصف بمثل هذه الأعمال يعتمد النظر إلى الظاهر الذي لم يتأكده غيره، وليس فيما أخرجه البخاريُّ هنا إسنادًا وتعليقًا ما يقتضي منع القول بأنَّ فلانًا شهيد، ولا النهي عن ذلك.
          فالظاهر أنَّ مراد البخاريِّ بذلك أن لا يجزم أحد بكون أحد قد نال عند الله ثواب الشهادة؛ إذ لا يدرى ما نواه من جهاده، وليس ذلك لمنع من أن يقال لأحد: إنَّه شهيد، وأن تجري عليه أحكام الشهداء إذا توفرت فيه، فكان وجهُ التبويب أن يكون: باب لا يُجزم بأنَّ فلانًا شهيدٌ إلَّا بإخبار من رسول الله صلعم، مثل قوله في عامر بن الأكوع: «إنَّه لجاهدٌ مُجاهدٌ». ومن هذا القبيل زَجر رسول الله صلعم أمَّ العلاء الأنصارية حين قالت في عثمان بن مظعون: شهادتي عليك، لقد أكرمك الله، فقال لها: «وما يُدريك أنَّ الله أكرمه؟».