النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

باب الربط والحبس في الحرم

          ░8▒ باب الرَّبْطِ وَالْحَبْسِ فِي الْحَرَمِ
          فيه قول البخاريِّ: واشْتَرى نَافِعُ بن عبدِ الحارِثِ دارًا للسَّجْنِ بِمَكَّةَ منْ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ عَلَى أنَّ عُمَرَ إنْ رَضِيَ فَالبَيْعُ بَيْعُهُ، وإنْ لَمْ يَرْضَ عُمَرُ فَلِصَفْوَانَ أرْبعُمِائَةٍ دينارٍ.
          هو مشكل؛ لأنَّ ظاهره أنَّ الأربعمائة تكون لصفوان بدون عوض، فيكون من بيع العربان وهو أكل مال بالباطل، ولم يُجب عنه ابن حجر والعيني والقسطلاني بجواب مستقيم.
          والذي يظهر لي: أنَّ المراد أنَّ نافعًا اشترى الدار لِعُمَرَ، إنْ رَضِي الدّار وَالثَّمَنَ، وَإنْ لَمْ يَرْضَ كَانت الدار بيعًا لنافع بأربعمائة دينار، فليس من بيع العربان، وإنَّما هو بيع خيار لعمر، ولزوم لنافع إن لم يرض عمر بها، أمَّا عمر فلا يلزمه الشراء، ولا قدر الثمن، بل بما يتراضى عليه مع صفوان.
          ويحتمل أنَّ نافعًا اكترى الدار من صفوان ليجعلها سجنًا؛ إذ كان نافع أمير مكة، ثمَّ رأى أن يشتريَها لبيت المال، وتوقَّف على إذن عمر، فقوله: (فلصفوان أربعمائة)؛ أي: كراء للدار لمدة عَيناها بينهما.
          وعلى هذا الاحتمال تكون زيادة (دينار) الواقعة في رواية أبي ذرٍّ غير صحيحة، فإنَّ أكثر الروايات ليس فيها تلك الزيادة، ويكون مميِّز الأربعمائة محذوفًا؛ أي: درهم. /