النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

باب ركوب البدن

          103 باب رُكُوبِ الْبُدْنِ
          وفيه قول البخاريِّ / لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج:36] ، الآية.
          لم يحقق الشارحون محلَّ الاستدلال من هذه الآية، فإن قوله: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج:36] لا عموم له، فالصَّواب أنَّ محلَّ الاستدلال هو قوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:36] .
          فإنَّ إطعام القانع والمعترِّ هو المقصود من الهدْي؛ لأنَّ الهَدْي لا يكون هدْيًا إلَّا بعد تذكيته، فدلَّ ذلك على أنَّ أحكامه قبل ذلك باقية على ما قرره قوله تعالى في شأن الأنعام كلها: {لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [غافر:79] ، إلى قوله: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ} [النحل:7] ، فذلك حكم لم يغيِّره مصير بعضها هَدْيًا؛ لأنَّ مصيرها هَدْيًا لا يتحقق إلَّا عند تذكيتها في مَحِلِّها المعروف.