مشارق الأنوار النبوية من صحاح الأخبار المصطفية

حديث: كان ملك فيمن كان قبلكم

          1711- (م) صُهَيبٌ ☺: «كَانَ مَلِكٌ فِيمَن كَانَ قَبلَكُم، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَا كَبِرَ قَالَ للمَلِكِ: إِنِي قَد كَبِرتُ، فَابعَث إِلَي غُلَامًا أُعلِّمُهُ السِّحرَ، فَبَعَثَ إِلَيهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ، فَكَانَ فِي طَرِيقهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقعَدَ إِلَيهِ وسَمعَ كَلامَهُ فَأَعجَبَهُ، فَكانَ إِذَا أَتى السَّاحِر مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِر ضَرَبُهُ، فَشَكَى ذَلِكَ إِلَى الرَّاهب، فَقَالَ: إِذَا خَشيتَ السَّاحِرَ فَقل: حَبَسَنِي أَهلِي، وَإِذَا خَشيتَ أَهلَكَ فَقُل: حَبَسَنِي السَّاحِرُ، فَبَينمَا هُو كَذَلِكَ إِذَ أَتَى عَلَى دَابَةٍ عَظِيمَةٍ قَد حَبَستِ النَّاسَ، فَقَالَ: اليَومَ أَعلَمُ السَّاحِرُ(1) أَفضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفضَلُ، فَأَخَذَ حَجَرًا وَقَالَ: اللَّهُمَّ إن كَانَ أَمرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيكَ مِن أَمرِ السَّاحِرِ فَاقتُل هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمضِي النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ، فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ(2) الرَّاهِبُ: أَي بُنَيَّ، أَنتَ اليَومَ أَفضَلُ مِنِّي، قَد بَلَغَ مِن أَمرِكَ مَا أَرَى وَإِنَّكَ سَتُبتَلَى، فَإِن ابتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَليَّ، وَكَانَ الغُلَامُ / يُبرىءُ الأَكَمَهَ وَالَأبرَصَ وَيُدَاوِي النَّاسَ سَائِرَ الَأَدَواءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ للمَلِكِ كَانَ قَد عَمِيَ، فَأَتَاهُ بِهَدَايا كَثِيرَةٍ، فقَالَ: مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِن أَنتَ شَفَيتَني. قَالَ: إِنِي لَا أَشفِي أَحَدًا، إِنِّمَا يَشفِي اللهُ، فَإِنِ آمَنتَ باللهِ دَعَوتُ اللهُ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ بِاللهِ، فَشَفَاهُ اللهُ، فَأَتَى المَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيهِ كَمَا كَانَ يَجلِسُ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَن رَدَّ عَليَكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: رَبِّي. قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَخَذَهُ فَلَم يَزَل يُعَذِّبهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الغُلَامِ، فَجِيءَ بِالغُلَامِ فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: أَي بُنيَّ، قَد بَلَغَ مِن سِحرِكَ مَا تُبرِئُ الَأَكَمَهَ وَالَأبرَصَ وَتَفعَلُ وَتَفعَلُ. قَالَ: فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشفِي أَحَدًا، إِنِّمَا يَشفِي اللهُ. فَأَخَذَهُ فَلمَ يَزَل يُعَذِّبهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ، فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ فَقِيلَ لَهُ: ارجعِ عَن دِينِكَ، فَأَبَى، فَدَعَا بِالمِنشَارِ فَوَضَعَ المِنشَارَ(3) فِي مَفرِقِ رَأسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ المَلِكِ فَقَيلَ لَهُ: ارجعِ عَن دِينِكَ، فَأَبَى، فَوضَعَ المِنشَارَ فِي مَفرِقِ رَأسِهِ، فَشَقهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِالغُلَامِ، فَقِيلَ لَهُ: ارجعِ عَن دِينِكَ. فَأَبَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرِ مِن أَصحَابِهِ، فَقَالَ: اذهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصعَدُوا بِهِ الجَبَل فَإِذَا بَلَغتُم ذِروَتَهُ، فَإِن رَجَعَ عَن دِينهِ وَإِلاَّ فَاطَرحُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ(4) الجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكفِنِيهم بِمَ(5) شِئتَ. فَرَجَفَ بِهمُ الجَبَلَ فَسَقَطُوا وَجَاءَ يَمشِي إِلَى المَلِكِ، فَقَالَ لهُ المَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصحَابُكَ؟ قَالَ(6) : كَفَانِيهمُ اللهُ. فَدَفَعَهُ / إلَى نَفَرٍ مِن أَصحَابِهِ، فَقَالَ: اذهَبُوا بِهِ فَاحمِلُوهُ فِي(7) قُرقُورٍ فَتَوَسَّطُوا بِهِ البَحرَ، فَإِن رَجَعَ عَن دِينِهِ، وَإِلَا فَاقذِفُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكفِنِيهم بِمَ(8) شِئتَ. فَانكَفَأت بِهمُ السَّفِينةُ، فَغرِقُوا، وَجَاءَ يَمشِي إِلَى المَلِكِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ(9) : مَا فَعَلَ أَصحَابُكَ؟ قَالَ(10) : كَفَانِيهمُ اللهُ. فَقَالَ للمَلِكِ: إِنَّكَ لَستَ بقَاتِلِي حَتَّى تَفعَلَ مَا آمرُكَ بِهِ، قَالَ: وَمَا هُو؟ قَالَ: تَجمَع النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصلُبُني عَلَى جِذعٍ ثُمَّ خُذ سَهمًا مِن كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهمَ فِي كَبدِ القَوسِ، ثُمَّ قُل: بِسمِ اللهِ رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ ارمِنِي، فَإِنَّكَ إِن فَعَلَتَ ذَلِكَ قَتَلتَنِي، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهمًا مِن كِنَانَتهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهمَ فِي كَبِدِ القَوسِ، ثُمَّ قَالَ: بِسمِ اللهِ رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَضَعَ(11) السَّهمَ فِي صُدغِهِ(12)، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدغِهِ فِي مَوضِعِ السَّهمِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنا بِرَبِّ الغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الغُلَامِ، فَأُتِيَ المَلِكُ فَقَيلَ لَهُ: أَرَأَيتَ مَا كُنتَ تَحذَرُ، قَد وَاللهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَد آمَنَ النَّاسُ، فَأَمَرَ بِالأخدُودِ بِأَفواهِ(13) السِّكَكِ فَخُدَّت، وَأَضَرَمَ النِّيِرَانَ وَقَالَ: مَن لَم يَرجع عَن دِينِهِ فَأَقحِمُوهُ فِيهَا _أَو قِيلَ لَهُ: اقتَحِمْ_ فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءت امرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أَن تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الغُلَامُ: يَا أُمَّه، اصبرِي فَإِنَكِ عَلَى الحَق». [م:3005]


[1] في (ل): «آلساحر».
[2] قوله: «له» ليس في (ر).
[3] في (ف): «المنشار» و«الميشار» وكتب فوقها: «معا».
[4] في (ص) زيادة: «إلى».
[5] في (ل): «بما» وأشار في الهامش أنها فيها نسخة: «بم».
[6] في (ف): «فقال».
[7] أشار في هامش (ل) أنها في نسخة: «على».
[8] في (ل): «بما» وأشار في الهامش أنها في نسخة: «بم».
[9] قوله: «له الملك» ليس في (ف)، وقوله: «له» ليس في (ر).
[10] في (ف): «فقال».
[11] في (ف): «فوقع» وأشار في هامش (ل) أنها نسخة.
[12] في (ص): «صدره» في الموضعين.
[13] في (ف) و(ر): «في أفواه» وأشار في هامش (ل) أنها نسخة.