مصباح الصحاح لاستضاءة أولي العلم والصلاح

حديث: آخر من يدخل الجنة رجل

          1391- (ا): ((آخرُ من يدخلُ الجنَّة رجلٌ يمشِي مرَّة ويَكْبُو مرَّة، وتسفَعُه النَّار مرَّة، فإذا ما جاوزَهَا التفتَ إليهَا فقال: تبارَكَ الذي نجَّاني منكِ، لقد أعْطَاني الله شيئًا ما أعطَاهُ أحدًا من الأوَّلين والآخرينَ، فتُرفَعُ له شجرةٌ فيقول: يا ربِّ أدْنِني من هذه الشَّجرة فلأستظلَّ بظلِّها، وأشربَ من مائِها، فيقولُ الله: يا ابنَ آدمَ لعلِّي إن أعطيتكَها سألتَني غيرها، فيقول: لا يَا ربِّ ويعَاهدُه ألَّا يسأله غيرها)) قال: ((وربُّه يعذرهُ؛ لأنه يرَى ما لا صبرَ له عليه، فيُدنيهِ منها، فيستظلُّ بظلِّها، ويشربُ من مائِها، ثم ترفعُ له شجرةٌ هي أحسنُ من الأولى فيقول: أي ربِّ أدنني من هذهِ لأشربَ من مائِها وأستظلَّ بظلِّها، لا أسألكُ غيرها، فيقول: يا ابنَ آدمَ ألم تعاهدْني ألَّا تسألني غيرهَا؟ فيقول: لعلِّي إن أدنيتكَ منها أن تسألَني غيرهَا، فيعاهدُه ألَّا يسأله غيرها، وربُّه تعالى يعذرهُ؛ لأنَّه يرَى ما لا صبرَ له عليه، فيُدنيه منها، فيستظلُّ بظلِّها، ويشربُ من مائِها.
          ثمَّ ترفع له شجرةٌ عند بابِ الجنَّة هي أحسنُ من الأوليين، فيقول: أي ربِّ أدْنني من هذه لأستظلَّ بظلِّها وأشربَ من مائِها، لا أسألُكَ غيرها، فيقول: يا ابنَ آدم، ألم تعاهدنِي ألَّا تسألني غيرهَا؟ قال: بلى يا ربِّ لا أسألك غيرهَا، وربُّه ╡ يعذره؛ لأنَّه يرَى ما لا صبرَ له عليه، فيُدنيه منها، فإذا دنَا منها سمعَ أصواتَ أهل الجنَّة فيقول: أي ربِّ أدخلنيها، فيقول: يا ابنَ آدم / ما يَصْرِيني منكَ(1)؟ أوَيُرضيك أن أعطيَكَ الدُّنيا ومثلهَا معها؟ قال: يا ربِّ أتستهزئ منِّي وأنتَ ربُّ العالمين؟)) فضحكَ رسول الله صلعم، فقالوا: ممَّ تضحكُ يا رسولَ الله؟ قال: ((منْ ضحكِ ربِّ العالمين حينَ قال: أتستهزئُ منِّي وأنت ربُّ العالمين؟ فيقول: إنِّي لم أستهزئْ منكَ، ولكنِّي على ما أشاءُ قادرٌ)).


[1] في الأصل: ((يُرضِيني بك)).