غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

الربيع بنت معوذ

          1532 # الرُّبَيِّعُ بنتُ مُعَوِّذ، هي بضمِّ الرَّاء المهملة، وفتح الموحَّدة، وشدَّة المثنَّاة التَّحتيَّة، آخره مهملة، وهو بضمِّ الميم، وفتح المهملة، وشدَّة الواو المكسورة، وهو ابن عَفْراء، بفتح العين المهملة، وسكون الفاء، بعدها راء مهملة ممدودة، وهي اسم أمِّه، الصَّحابيَّة، الأنصاريَّة، المدنيَّة.
          روت عن رسول الله صلعم _كما قال ابن حزم_ أحداً وعشرين حديثاً.
          قال أبو نصر الكلاباذيُّ(1) : روى عنها خالد بن ذكوان، نقل عنها البخاريُّ بالواسطة، في كتاب الصَّوم [خ¦1960] ، والجهاد [خ¦2882] ، وشهود الملائكة بدراً [خ¦4001] .
          قال ابن الأثير(2) : وكانت ربَّما غزت مع رسول الله صلعم، فتداوي الجرحى، وتردُّ القتلى / إلى المدينة، وكانت من المبايعات تحت الشَّجرة بيعة الرِّضوان، يوم الحديبية، ♦، وأبوها معوِّذ ☺ هو الذي قتل الشَّقيَّ أبا جهل يوم بدر.
          قال الواقديُّ: دخلت أسماء بنت مَخْرمة _وكانت ممَّن تبيع العطر بالمدينة_ على الرُّبيِّع بنت معوِّذ، ومعها عطرها في نسوة، فسألتها، فانتسبت الرُّبيِّع، فقالت أسماء: أنت ابنة قاتل سيِّده. يعني أبا جهل، قالت الرُّبيِّع: بل أنا ابنة قاتل عبده. قالت أسماء: حرام عليَّ أن أبيعك من عطري شيئاً. قالت الرُّبَيِّع: حرام عليَّ أن أشتري من عطرك(3) شيئاً، فما رأيت لعطر نتناً غير عطرك. قالت: وإنَّما قلت ذلك لأغيظها(4) .
          قال خالد بن ذكوان: قالت الرُّبيِّع: جاءنا رسول الله صلعم فدخل عليَّ غداة بُني بي _يعني يوم الزَّفاف_ فجلس على فراشي كمجلسك يا خالد بن ذكوان، وجويريات لنا يضربن بدفهنَّ ويندبن من قتل من أناس(5) يوم بدر إلى أن قالت إحداهنَّ:
          وفينا نبيٌّ يعلم ما في غد
          فقال لها رسول الله: «اسكتي عن هذه، وقولي الذي كنت تقولينه قبلها».
          قال أبو عبيدة محمَّد بن عمَّار بن ياسر: قلت للرُّبيِّع: صفي لي رسول الله صلعم. فقالت: يا بنيَّ، لو رأيته لرأيت الشَّمس طالعة.
          تنبيه:
          اعلم أنَّ الرُّبيِّع هذه ليست بربيِّع التي كسرت ثنية امرأة، فعرض على أهلها الأرش، فأبوا، وطلب منهم العفو، فأبوا، فأتوا رسول الله صلعم، فأمر بالقصاص، فقام أخوها أنس بن النَّضر، ☺، وفي رواية: قامت أمُّ الرُّبيِّع، فقال أنس: يا رسول الله، أتكسر ثنية الرُّبيِّع؟ لا والذي بعثك بالحقِّ نبيًّا. فقال رسول الله صلعم: «سبحان الله يا أنس، كتاب الله القصاص». فعفا القوم بعد أن كانوا امتنعوا، فقال النبي صلعم: «إنَّ من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرَّه». بل إنَّما هي أمُّ حارثة التي قتل ابنها حارثة يوم بدر، فأتت النَّبيَّ صلعم، فقالت: يا رسول الله، أخبرني عن حارثة، فإن كان في الجنَّة صبرت واحتسبت، وإن كان غير ذلك اجتهدت في البكاء. فقال رسول الله صلعم: «أوجنَّة هي يا أمَّ حارثة، إنَّها جنان، وإنَّ ابنك حارثة لفي الفردوس الأعلى». فرضي الله تعالى عنها.


[1] الهداية والإرشاد:2/849.
[2] أسد الغابة:7/108.
[3] في (ن) تصحيفاً: (عطري).
[4] في غير (ن): (قالت ذلك لتغيظها).
[5] في (ن): (آبائي).