سل السيف في حل كيف

المقدمة وسبب التصنيف

          ♫
          إنَّ أصحَّ ما تَجَرَّدَ عن الزَّيْفِ تنزيهُ اللهِ ╡ عن «الأَيْنِ» و«الكَيْفِ»، والصَّلاةُ على رسولِ المُعربِ عن كلِّ معنىً مُغرَّبِ، وعلى آلهِ المحكومِ لهم بالابتداءِ في مقامِ الاهتداءِ، وصحبِهِ رجومِ العدى فمن اعتدى، وبعدُ:
          فهذا «سَلُّ السَّيْفِ في حِلِّ كَيْف»:
          وموجبُ اشهارِهِ وسببُ إظهارِهِ؛ هو أنَّهُ لمَّا أنْ مَنَّ اللهُ علينا لخدمةِ الجَّامِعِ الصَّحيحِ بشرحٍ يُعرِبُ عن معانيهِ بلفظٍ فصيحٍ، مُسمَّىً بـ ((إفحامِ المُجارِي في إفهامِ البُخاري))، وذلكَ لِمَا تَفَرَّدَ بهِ بينَ الشُّروحِ من البلاغَةِ واختصَّ بهِ دونَها من اللَّطائِفِ المُصَاغَةِ، وصلَ إلى سمعِنَا الذي لا يسمعُ الفُحشَ والفحشاء، واتَّصلَ بعلمِنَا الذي لا يُنْكِرُهُ إلَّا الأعمى، ولا نقولُ الأعْشى، أنَّ بعضَ الأجلافِ _الذينَ هم عن الدَّقائقِ بمعزلٍ وعن مذاقِ الرَّقائقِ بمنزِلٍ، هو عن أوجِ المعارِفِ مُنْزَلٌ_ اعترضَ علينا اعتراضَ مَن رَكِبَ متنَ عمياءَ، فوقعَ بذلكَ في داهيةٍ دَهْيَاءَ، حيثُ أبديتُ حاره(1) وما سترَ عُوارَهُ، فإنَّهُ ليسَ من فرسانِ هذا الميدانِ ولا هو ممَّنْ يدينُ ويُدان، إذ ليسَ له في ذلكَ يَدانِ، وما أجدرَهُ بقولِ المتمثِّلِ: ليسَ بِعُشِّكَ فأدرُجي ولا بجحركِ فأخرُجي، وما أحقُّهُ بقولِ الشَّاعرِ:
كَمْ تُبادَي وَكَمْ تطَوِّلُ طُرْطُو                     رَكَ مَا فِيكَ شَعْرَةٌ مِنْ تَميِمِ
          وما أقربَهُ من موردِ المثلِ: «لقدْ تحكَكَتِ العقْرَبُ بالأفعى» و«استَنَّتِ الفِصالُ حتَّى القَرْعى».
          غيرَ أنَّهُ لا يضرُّنَا إيرادُ كلامِهِ قصداً لإفهامهِ وإفحامِهِ، فنقولُ:


[1] طمس أول الكلمة في الأصل الخطي.