جنى الجنتين ومجمع البحرين في تجريد متون الصحيحين

حديث: إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع

          638- الإمامان: عن أبي سعيد وأبي بن كعب وأبي موسى: قال أبو سعيد: كنت في مجلس من مجالس الأنصار، إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور فقال: استأذنت على عمر ثلاثاً فلم يؤذن، فرجعت، قال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن فرجعت، وقال رسول الله صلعم: ((إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع)) فقال: والله لتقيمن عليه بينة، أمنكم أحد سمعه من النبي صلعم؟ قال أُبي بن كعب: فوالله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم، فقمت معه، فأخبرت عمر أن النبي صلعم قال ذلك _قال الحميدي: ألفاظ الرواة في الحكاية عن عمر وأبي موسى في هذا الحديث مختلفة، والمعاني متقاربة، ولفظ المتن فيها واحد كما قدمنا.
          إلا أن في رواية منها:
_ أن أبا موسى قال: أنشدكم بالله، هل سمع أحد منكم رسول الله صلعم يقول: ((الاستئذان / ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع)) قال أبو سعيد: فقمت حتى أتيت عمر، فقلت: قد سمعت رسول الله صلعم يقول هذا.
          وفي أخرى: أن أبا موسى استأذن على عمر ثلاثاً، فكأنه وجده مشغولاً، فرجع، فقال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس؟ ائذنوا له، فدعي له، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: إنا كنا نؤمر بهذا، قال: لتقيمن على هذا بينة، أو لأفعلن، فخرج، فانطلق إلى مجلس من الأنصار، فقالوا: لا يشهد على هذا إلا أصغرنا، فقام أبو سعيد فقال: كنا نؤمر بهذا، فقال عمر: خفي علي هذا من أمر رسول الله، ألهاني عنه الصفق بالأسواق(1).
          ولمسلم: أن أبا موسى: أتى باب عمر، فاستأذن، فقال عمر: واحدة، ثم استأذن الثانية، فقال عمر: ثنتان، ثم استأذن الثالثة، فقال عمر: ثلاث، ثم انصرف، فأتبعه فرده، فقال: إن كان هذا شيئاً حفظته من رسول الله، صلعم فها، وإلا لأجعلنك عظةً، فقال: أبو سعيد: فأتانا فقال: ألم تعلموا أن رسول الله صلعم قال: ((الاستئذان ثلاث؟)) قال: فجعلوا يضحكون، قال: فقلت: أتاكم أخوكم المسلم قد أفزع، تضحكون؟ قال: انطلق، فأنا شريكك في هذه العقوبة، فأتاه فقال: هذا أبو سعيد.
          وفي رواية: لمسلم: قال أبو بردة: جاء أبو موسى إلى عمر فقال: السلام عليكم هذا عبد الله بن قيس، فلم يأذن له، فقال: السلام عليكم هذا أبو موسى، السلام عليكم هذا الأشعري، ثم انصرف، فقال: ردوا علي ردوا علي، فجاء فقال: يا أبا موسى ما ردك؟ كنا في شغل، قال: سمعت رسول الله صلعم يقول: ((الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك، وإلا فارجع)) قال: لتأتيني على هذا ببينة، وإلا فعلت وفعلت، فذهب أبو موسى، فقال عمر: إن يجد بينة تجدوه عند المنبر عشية، وإن لم يجد بينة فلم تجدوه، فلما أن جاء بالعشي وجده، فقال: يا أبا موسى، ما تقول؟ أقد وجدت؟ قال: نعم، أُبي بن كعب، قال: عدل، قال: يا أبا الطفيل _وفي رواية: يا أبا المنذر_ ما يقول هذا؟ قال: سمعت رسول الله صلعم يقول ذلك يا ابن الخطاب، فلا تكونن عذاباً على أصحاب رسول الله صلعم، قال: سبحان الله إنما سمعت شيئاً، فأحببت أن أتثبت. [خ¦6245]


[1] في هامش الأصل: ((الصفق: البيع، وأصله صفق اليد باليد عند عقد البيع)).