الإفهام لما في البخاري من الإبهام

حديث: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون

          398- وعن عبد الله(1) ابن مسعودٍ قال: كأنِّي أنظر إلى النبيِّ صلعم يحكي نبيًّا مِنَ الأنبياء ضربه قومُه فأدْمَوه وهو يمسح الدم عَن وجهه ويقول: «اللَّهمَّ اغفِرْ لقومي فإنَّهم لا يَعْلَمُون».
          نقل عَن القرطبيِّ أنَّ سيِّدنا رسول الله صلعم هو(2) الحاكي والمحكيُّ / عنه، وكأنَّه أوحي إليه بذلك قبل وقوع قضيَّة(3) يوم أُحُد، ولم يعيِّن ذلك النبيُّ صلعم، فلمَّا وقع ذلك للنبيِّ صلعم تعيَّن أنَّه هو المعنيُّ(4) بذلك.انتهى.
          وهذا متعقَّب؛ فإنَّ رسول الله صلعم قال في قضيَّة(5) يوم أحد: «كيف يفلح قومٌ دَمَّوا وجه نبيهم، فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عمران:128]».
          وقد ذكر مسلمٌ حديث ابن مسعودٍ هذا في غزوة أُحُد بعد ذكره(6) جرح(7) النبيِّ صلعم، وفيه إيهام ما ذكره القرطبيُّ، لكن قال النوويُّ: هذا النبيُّ المشار إليه مِنَ المتقدِّمين، وقد جرى لنبيِّنا صلعم نحو هذا يوم أحد، وفيه تعقُّب يظهر ممَّا تقدَّم، إلَّا أن يقال: إنَّ المماثلة لا تكون مِن كلِّ الوجوه [وفي تفسير ابن أبي حاتم في سورة الشعراء عن ابن إسحاق حدَّثني من لا أتِّهم عن عبيد بن عمير الليثيِّ أنَّه بلغه أنَّهم كانوا يبطشون به _يعني نوحًا ◙_ فيخنقونه حتَّى يغشى عليه، فإذا أفاق قال: (اللهمَّ اغفر لقومي فإنَّهم لا يعلمون) فيحتمل تفسير المبهم بنوح ◙، وفي «كتاب ابن حبَّان» في قسم الأنفال في النوع الثاني عشر في الأدعية التي كان يدعوا بها النَّبيُّ صلعم عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلعم: «اللهمَّ اغفر لقومي فإنَّهم لا يعلمون» قال أبو حاتم معنى هذا الدعاء: أنَّه قال يوم أحد لما شُجَّ وجهه: اللهمَّ اغفر لقومي فإنَّهم لا يعلمون، يريد اغفر لقومي ذنبهم فيَّ من الشجِّ لوجهي لا أنَّه دعا للكفار بالمغفرة [لأنَّه لو] دعا لهم بالمغفرة لأسلموا في ذلك الوقت لا محالة](8). [خ¦3477]


[1] (عبد الله): ليس في (أ)، ولا في المطبوع.
[2] في (أ): (يقول)، و(هو): ليس في (ق).
[3] في (م): (قصة). وفي المطبوع: (قصته).
[4] في (أ): (المعين).
[5] في المطبوع: (قصته).
[6] في (أ) و(م): (ذكر).
[7] في (أ): (جروح). وفي المطبوع: (بعد ذكر خروج).
[8] ما بين معقوفين مثبت من (ق).