الإفهام لما في البخاري من الإبهام

حديث: لا تخيروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة

          268- وعن أبي سعيد الخدريِّ قال: بينا رسول الله صلعم جالسٌ جاء يهوديٌّ فقال: يا أبا القاسم؛ ضرب وجهي رجلٌ مِن أصحابك، فقال: مَن؟ قال: رجلٌ مِنَ الأنصار.
          وقول ابن بَشْكُوال في «مبهماته»: إنَّ اليهودي هو فنحاص، واللاطم أبو بكر الصدِّيق ☺ متعقَّبٌ برواية الأنصاريِّ هذه، فالقصَّة(1) واحدة، ويدلُّ عليه أنَّ البخاريَّ روى ذلك في (باب قوله تعالى(2): {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ})[الصافات:139] عن أبي هريرة: وقال رجلٌ مِنَ الأنصار.
          وقد ظهر أنَّ هذا تركيبٌ مِن ابن بَشْكُوال، فإنَّ الذي ذكره أهل السير والتفسير(3): أنَّ أبا بكر الصدِّيق ☺ دخل بيت المدراس(4) ، فقال لفنحاص: اتَّق الله وأسلم، والله إنَّك لتعلم أنَّ محمَّدًا رسول الله تعالى، فقال: والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله مِن فقير، وإنَّه إلينا لفقيرٌ، فغضب أبو بكرٍ، وضرب وجه فنحاص ضربًا شديدًا، وقال: لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك، فشكاه فنحاص(5) لرسول الله صلعم، فذكر له أبو بكر ما كان منه، فأنكر قوله ذلك، فأنزل الله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء} الآية[آل عمران:181]، وأنزل في أبي بكر: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا}[آل عمران:186] انتهى.
          فظهر(6) بذلك أنَّ هذه القصَّة(7) التي لطم فيها سيِّدنا أبو بكر ☺ فنحاصًا غير هذه القصَّة التي نحن فيها [وقد وقع لعمر ☺ قضيَّةٌ، رواها بن أبي شيبة في مصنَّفه في (فضائل النَّبيِّ صلعم) عن مكحول قال: «كان لعمر على رجلٍ من اليهود حقٌّ، فأتاه يطلبه، فقال له عمر: لا والذي اصطفى محمَّدًا على البشر لا أفارقك وأنا أطلبك بشيءٍ، فقال اليهوديُّ: ما اصطفى الله محمَّدًا على البشر، فلطمه عمر، فقال: بيني وبينك أبو القاسم، فقال: إنَّ عمر قال: لا والذي اصطفى محمَّدًا على / البشر، فقلت له: ما اصطفى الله محمَّدًا على البشر فلطمني، فقال: أمَّا أنت يا عمر فأرضه من لطمته، بلى يا يهوديُّ، آدم صفيُّ الله، وإبراهيم خليل الله، وموسى نجيُّ الله، وعيسى روح الله، وأنا حبيب الله»، فهذه قصَّةٌ لو [...]بها ما ذكر لكنَّا لا نراه، بل ذكرنا ذلك للفائدة](8). [خ¦2412]


[1] في (أ): (القصة)، وفي (ق) مخروم.
[2] (تعالى) ليست في المطبوع.
[3] (والتفسير): ليس في (م).
[4] في (ق): (المدارس)، وهو تحريف.
[5] في (أ): (منحاص)، وهو تحريف.
[6] في (أ) و(م): (فقد ظهر). وكذا في المطبوع.
[7] في (أ): (القضية)، وكذا في الموضع اللاحق. وكذا في المطبوع.
[8] ما بين معقوفين مثبت من (ق).