أسامي من روى عنهم البخاري

امتحانه

          امتحانُهُ:
          ذكرَ لي جَماعةٌ منَ المشايخِ أَنَّ محمدَ بْن إسماعيلَ البُخَاريَّ لَمَّا وردَ نَيْسابورَ واجتمعَ النَّاسُ وعُقِدَ به المجلِسُ حَسَدَهُ مَنْ كانَ في ذلكَ / الوقْتِ مِنْ مشايخِ نَيْسابورَ لِمَا رأوا إقْبَالَ النَّاسِ إليه واجتماعَهُمْ عليه، فقيلَ: يا أَصحابَ الحديث، إنَّ محمدَ بْنَ إسماعيلَ يقولُ: اللَّفظُ بالقُرآنِ مَخْلُوقٌ، فامتحِنُوهُ في المجلسِ. فلمَّا حَضَرَ النَّاسُ مَجْلِسَ البُخَاريِّ، قَامَ / إليه رَجُلٌ فَقَالَ: يا أبا عبدِ الله، ما تقولُ في اللَّفظِ بالقُرآنِ مَخلوقٌ هو أَمْ غيرُ مَخلُوقٍ ؟ فأَعرضَ عنه البُخَاريُّ ولم يُجِبهُ، فقالَ الرَّجلُ: يا أبا عبدِ اللهِ، وأعادَ عليه القَولَ، فأعرَضَ عنه فَلَم يُجِبْهُ، ثُمَّ قالَ في الثَّالثةِ، فالتفتَ إليه محمدُ بنُ إسماعيلَ فقالَ: القُرآنُ كلامُ اللهِ غيرُ مَخلُوقٍ، وأفعالُ العِبَادِ مَخْلُوقةٌ، والامتحانُ بِدعةٌ. فَشَغبَ الرَّجلُ وَشغَبَ النَّاسُ / وتفرَّقوا عنهُ، وَقَعَد البُخَاريُّ في منزله.
          سمعتُ الإسماعيليَّ يقولُ: سَمعتُ الفَرهَيانيَّ يقولُ: سَمِعْتُ / عمروَ بْنَ منصورٍ النَيْسابوريَّ يقُولُ: سَمِعتُ محمدَ بن إسماعيلَ البُخاريَّ وسُئلَ عَنِ اللَّفظِ بالقُرآن، فقَالَ: سَمِعْتُ عُبيدَ اللهِ بنَ سعيدٍ أبا قُدامةَ السَرخَسيَّ يقولُ: سَمعتُ يحيى بنَ سعيدٍ القطَّانَ وعبد الرحمن بْنَ مهديٍّ يقولانِ: أفعَالُ العِبادِ مَخلُوقةٌ.
          سَمعتُ أبا بكر الإسماعيليَّ يقولُ: سَمِعتُ الفَرْهَيَانيَّ يقولُ: قيل لمحمدِ بنِ إسماعيلَ: أترجعُ عمَّا قُلتَ لِيَعُودَ النَّاسُ إليكَ ؟ فقالَ: لا حَاجَةَ لي فيهم. /
          سَمِعتُ عَبدَ المجيدِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أبي يقولُ: سَمِعْتُ حَيْكانَ بنَ محمدِ بْنَ يحيى يَقولُ: قلتُ لأَبي يا أبه، ما لكَ ولهذا الرَّجُل _يعني محمدَ بنَ إسماعيلَ _ ولستَ مِنْ رِجَالهِ في العِلْمِ ؟ قالَ: رأيتُه بمكةَ يتَّبعُ شَمْخَضَةَ. وشَمْخَضَةُ كوفيٌّ قَدَريٌّ. فبَلَغ ذَلِكَ محمدَ بنَ إسماعيلَ فقَالَ: دَخَلْتُ مَكْةَ وَلَمْ أَعرِفْ بها أحدًا مِنَ المُحَدِّثينَ، / وكانَ شَمخَضَةُ هذا قَدْ عَرَفَ المُحَدِّثينَ، فَكُنتُ أَتَّبعُهُ ليُقرِّبني مِن الُمحدِّثينَ، فأيُّ عَيْبٍ في هذا !. /
          سَمِعتُ عَبْد القُدُّوسِ بنَ عَبْد الجبَّارِ السَّمَرْقَنْديَّ يَقُولُ: جَاء محمدُ بنُ إسماعيلَ إلى خَرْتَنْكَ / _قرْيةٍ مِنْ قُرى سَمَرْقَنْدَ على فَرْسَخينِ منها_ وَكَانَ لهُ بها أقْرِباءٌ، فَنَزَلَ / عِنْدَهُمْ، فَسَمِعْتُهُ لَيلَةً منَ اللَّيالي وَقَدْ فَرَغ مِنْ صلاةِ اللَّيلِ يَدْعو ويقولُ في دُعائِهِ: اللَّهُمَّ إنَّهُ قَدْ ضَاقَتْ عليَّ الأرضُ بما رَحُبَتْ، فاقْبِضْني إليكَ. قَالَ: فَما تمَّ الشَّهرُ حتَّى قَبَضَهُ اللهُ. وَقَبْرُه بخَرْتَنْك ☼. /