أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثًا

          383/ 1870- قال أبو عبد الله: حدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قال: حدَّثنا سُفْيانُ، عن الأَعْمَشِ، عن إِبْراهِيمَ التَّيْمِيِّ، عن أَبِيهِ: (1)
          عَنْ عَلِيٍّ ☺، قالَ: ما عِنْدَنا إلَّا كِتابُ اللهِ، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ: «المَدِينَةُ حَرَمٌ، ما بَيْنَ عائرٍ إلىَ كَذا، مَنْ أَحْدَثَ فيها حَدَثاً، أَوْ آوَىَ مُحْدِثاً (2)، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ والمَلائِكَةِ والنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ، وَمَنْ تَوَلَّىَ قَوْماً بِغَيْرِ إِذْنِ مَوالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ والمَلائِكَةِ والنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ. (3)» وقال: «ذِمَّةُ المسلمين واحدةٌ، فمن أخفَرَ مُسْلماً فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والنَّاس أجمعين، لا يُقبلٌ منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ (4)». /
          قوله: (آوى مُحدِثاً) يُروى على وجهين: أحدُهما (5) : بفتح الدَّال، ويكون معناه: الرَّأيَ المحْدَثَ في أمْرِ الدِّين والسُّنَّة؛ ومن قال (6) : (مُحْدِثاً) بكسر الدال، فإنَّه يُريدُ به صَاحبَه الذي أحدثَه وجاء به، يُريدُ مَنْ جَاءَ بِبدعَةٍ (7) في الدِّين، أو بَدَّلَ سُنَّةً من سُنَّةِ النبيِّ صلعم، وسُنَّة الخلفاء الراشدين بعدَهُ الذين أُمِرَ بِمُتَابَعَتِهم والتَّمَسُّك (8) بسُنَّتهم.
          وقوله: (لا يقبل منه صَرفٌ ولا عَدلٌ) فإنَّ العَدْلَ يُفَسَّرُ تَفسيرين: أحدهما: الفِدْيةُ كقوله ╡ {وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا} [الأنعام:70].
          ويقال: العدلُ: الفريضةُ. والصَّرفُ: النَّافلَةُ؛ ويقال: التوبة؛ ويقال: الصرف: الحِيلَة (9).
          وقوله: (ومَنْ تولى قوماً بغير إذنِ مواليه) فإنَّه لم يجعلْ إذنَ (10) مواليه (11) في ذلك شرطاً في جواز ادِّعاء نَسَبٍ أو وَلاَءٍ ليس هو منه وإليه، وإنَّما ذَكر الإذنَ في هذا توكيداً للتحريم؛ لأنَّه إذا استأذنهم في ذلك مَنَعُوهُ، وحَالُوا بينَه وبين ما يَفعلُ من ذلك.
          وقوله: (مَنْ أَخْفَرَ مُسْلِماً) فإنَّ الإخفارَ نَقضُ العَهدِ، يقال: خَفَرْتُ الرَّجُلَ؛ إذا أَمَّنتهُ، وأخَفَرَ الرجلُ صَاحِبه؛ إذا نَقَضَ العهد، وخَتَرَ (12) بالذِّمَّة.


[1] قوله: (عن أبيه) سقط من الأصل و(ط) والمثبت من (ف) والصحيح.
[2] في (ف): (أو آوى فيها محدثاً).
[3] قوله: (ومن تولى قوماً... صرف ولا عدل) سقط من الأصل و(م).
[4] قوله: (وقال ذمة... صرف ولا عدل) سقط من (ط).
[5] في (أ) و(ف): (يروى محدثاً).
[6] في الفروع: (ويروى).
[7] في (ط): (يريد يريد به بدعة).
[8] (والتمسك) سقطت من (ط).
[9] في (م): (الجيد).
[10] في (م): (دون).
[11] في الفروع: (الموالي).
[12] في الأصل (وخثر) بالثاء والمثبت من (ط) و(الخَتْرُ)، بفتح الخاء المعجمة، وسكون التاء: شِبه الغَدر، وقيل: هو الخديعة بعينها، و الفعل خَتَر من باب ضرب ونصر، فهو خَاتِرٌ وخَتَّارٌ (التاج :ختر)