أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: أقام النبي تسعة عشر يقصر

          238/ 1080- قال أبو عبد الله: حدَّثنا مُوسَى (1) بنُ إِسْماعِيلَ: حدَّثنا أَبُو عَوانَةَ، عن عاصِمٍ (2) وَحُصَيْنٍ، عن عِكْرِمَةَ (3) :
          عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ ☺، قالَ: أَقامَ النَّبِيُّ صلعم تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إذا سافَرْنا تِسْعَةَ (4) عَشَرَ قَصَرْنا، وَإِنْ (5) زِدْنا (6) أَتْمَمْنا.
          قلتُ: قد اختلف الناسُ في هذه المسألة اختلافاً كثيراً، واضْطربت أَقَاوِيلهم فيها اضْطراباً شديداً، فكان الذي اعتمده الإمام أبو عبد الله من جُملة الرِّوايات فيها هذا الحديث، وهو يَجْمعُ حِكايةَ الفِعْل عن رسول الله صلعم، وكونُ هذه المُدَّة حَدّاً لجواز القَصْر / مِنْ رأْي ابن عبَّاس.
          وكأَنَّه ذَهبَ في ذلك إلى أنَّ أَصْلَ الصَّلاةِ الإتمامُ، وإنَّما يجوزُ القَصْرُ بِعِلَّة (7) السَّفر، ومُدَّةُ التِّسْع عَشْرة في مقام المُسافر مُسْتَثناة من جُملَة حُكْم صَلاة المقيم، وما وَرَاءها مَرْدُودٌ إلى الأَصْل ومُقَرٌّ عليه.
          وقد (8) قال به الشافعيُّ، إلَّا (9) أنَّه شَرَط (10) في ذلك وُجُودَ الخَوْف، وجَعَلَ مُدَّةَ (11) الرُّخْصَة لمن لا يَخافُ (12) عَدُوّاً (13) أربعة أيَّامٍ، ولو كانت العِلَّةُ في ذلك الخَوْف لم يكن للتَّحْدِيد مَعنىً، إذا كان الخوفُ موجوداً، ألاَ ترى أنَّ الخائفَ (14) يُصلِّي صَلاة الخَوفِ ما امْتَدَّ الزَّمانُ بلا تحديد إذا كان (15) الخوفُ موجوداً.
          فالقول في هذا الباب (16) ما ذَهَبَ إليه ابنُ عبَّاس، وهو أَصَحُّ ما رُوي في هذا الباب.
          وقد رُوي عن ابنُ عبَّاس في هذا روايتان أُخْرَيان:
          إحداهما: أنَّ النبيَّ صلعم (17) أقامَ بِمكَّة عامَ الفتح سَبْعَ عَشْرة (18) يُقْصِرُ فيها الصَّلاة (19).
          والرِّواية الأخرى: خَمْسَ عَشْرَة (20). وإليه ذَهَبَ أصحابُ الرأي، إلَّا أنَّ أَصَحَّها وأَثْبَتَها في الرِّواية ما ذكره الإمام أبو عبد الله، ولم يَعْرِضْ لغيره بِذِكْر، فالقول في ذلك على ما وَصَفناه (21)، والله أعلم (22).


[1] في (ط): (عيسى).
[2] في (ط): (خاصم).
[3] سقط السند من (أ).
[4] في (ط): (تسبعة).
[5] في (ر): (وإذا).
[6] في (ط): (وإن أزدنا).
[7] في (م): (بعد).
[8] (قد) سقطت من (ط).
[9] في (ط): (إلى).
[10] في (م): (يشترط).
[11] في (ر): (هذه).
[12] في (ط): (من إلَّا يخاف).
[13] في الفروع: (من غير خوف).
[14] في (أ) و(ر) و(م): (لأن الخائف) وفي (ف): (إلا أن الخائف).
[15] في الفروع: (ما دام).
[16] في (أ) و(ر): (والصحيح) وفي (ف) و(م): (والصحة).
[17] قوله (أن النبي صلعم ) سقط من (ط).
[18] في (ر): (تسعة عشر) وفي (ف) و(م): (سبعة عشر).
[19] في (م): (خمسة عشر) وانظر: سنن أبي داود رقم (1230).
[20] انظر: سنن أبي داود رقم (1231).
[21] في الفروع: (والصحيح ما قلناه).
[22] (والله أعلم) ليست في (ط).