أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: الإيمان يمان هاهنا ألا إن القسوة وغلظ القلوب

          692/ 3302- قال أبو عبد الله: حدَّثنا مُسَدَّدٌ، قال: حدَّثنا يَحْيَىَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حدَّثني قَيْسٌ:
          عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي (1) مَسْعُودٍ قَالَ: أَشَارَ رَسُولُ اللهِ صلعم بِيَدِهِ (2) نَحْوَ اليَمَنِ، فَقَالَ: «الإِيمَانُ يَمَانٍ هَاهُنَا (3)، أَلَا إِنَّ القَسْوَةَ وَغِلَظَ القُلُوبِ فِي الفَدَّادِينَ، عِنْدَ (4) أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا (5) الشَّيْطَانِ، فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ».
          قولهُ: (الإيمانُ يَمانٍ) ثَنَاءٌ (6) على أهلِ اليمن لإسْرَاعهم إلى الإيمان، وحُسْنِ قَبُولهم إيَّاهُ، وَجَعَلَهُ يَمانِيّاً لِظُهُورِهِ من شِقِّ اليمن؛ ولذلك (7) قيلَ: الرُّكْنُ اليَمَانِي؛ يُرَادُ الرُّكْنُ الذي يلي شِقَّ اليَمَنِ، وكما قال الشاعر:
..................                      وسُهَيْلٌ إذا اسْتَقَلَّ يمان (8)
          يُريدُ: طُلُوعه من قِبَلِ اليمن.
          وقد رُوي في هذا الحديث من غير هذه الرواية: «أَتَاكم أَهْلُ اليمنِ أَلْيَنُ (9) قُلُوباً وأَرَقُّ أَفْئِدَةً.» (10) يُريدُ _واللهُ أَعْلَمُ_ بلين القَلْبِ (11) : سُرْعَةَ خُلُوصِ الإيمانِ إلى قلوبهم، وحُسْنِ قَبُولهم له (12).
          ويقال: الفُؤادُ غِشَاءُ القلب، والقلبُ حُبَّتُهُ وسُوَيْدَاؤُهُ، وإذا رَقَّ الغِشَاءُ أَسْرَعَ نُفُوذُ الشيءِ إلى مَا وَرَاءَهُ.
          وقولهُ: (وغِلَظَ القُلوبِ في الفَدَّادِينَ) فإنَّ الفَدَّادِينَ يُفَسَّرُ على وجهين:
          أحدهما: أن يكونَ جمعاً للفَدَّادِ: وهو شديدُ الصوت، / من الفَدِيد، وذلك مِنْ دَأْبِ أصحابِ الإبل ومَنْ يُعَالجُها من أهلها، وهذا إذا رَوَيتَهُ (13) بتَشديد الدَّالِ من فَدَّ يَفِدُّ؛ إذا رَفع صوتَه.
          والوَجْهُ الآخر: أنَّهُ جمعُ (14) الفَدَّانِ (15) : وهو آلةُ الحرث (16)، السِّكَّةُ (17) وأَعْوادُها (18)، وذلك إذا رَوَيْتَها (19) بتخفيف الدَّالِ، يُريدُ أَهْلَ الحرثِ.
          وإنَّما ذَمَّ ذلك وكَرِهَهُ؛ لأنَّه يَشْغَلُ (20) عن أمْرِ الدِّين، ويُلْهِي عن الآخرة، فيكونُ معها قَسَاوَةُ القَلْبِ.


[1] في (أ): (عقبة بن عمرو أبي) وفي (ر) و(ف): (عن عقبة بن عامر وأبي).
[2] (بيده) سقطت من (ر) و(ف).
[3] (هاهنا) سقطت من (م).
[4] (عند) تكررت في (ف).
[5] في (م): (حيث لا يطلع قرن).
[6] في (أ): (إنما أثنى).
[7] في (أ): (وكذلك).
[8] عجز بيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه 95، وصدره.
~هي شَاميَّةٌ إذا ما اسْتقلَّتْ                     ...............
[9] في الفروع: (هم ألين).
[10] انظر: البخاري رقم (4388)، عن أبي هريرة.
[11] في الفروع: (القلوب).
[12] في (م): (إياه).
[13] في (ر) و(ف): (إذا رأيته).
[14] في (م): (أنه من جمع) وفي (ف): (أنه إذا جمع).
[15] في (ر) و(ف): (الفداد).
[16] في (ف): (الحرب).
[17] في (م): (الستة).
[18] في الفروع: (وأعواده).
[19] في (ف): (إذا أرويتها).
[20] في (م): (يشغله).