أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث عمر: فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس

          665/ 3156- 3157- قال أبو عبد الله: حدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قال: حدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ:
          سَمِعْتُ عَمْراً قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، فَحَدَّثَهُمَا بَجَالَةُ. قَالَ: كُنْتُ كَاتِباً لجَزْءِ (1) بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَمِّ (2) الأَحْنَفِ، فَأَتَى كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ: فَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ مِنَ المَجُوسِ. وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنَ المَجُوسِ، حَتَّىَ شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ.
          قلت: امتناع عمر عن قبول الجزية من مجوس هجر حتَّى شُهِد له أنَّ رسول الله صلعم أخذها منهم (3) يدلُّ على أنَّ رأيَه ورأيَ مَنْ مَعَهُ من الصَّحابةِ في زمانه أنَّ الجِزيةَ لا تُقبَلُ إلَّا من أهلِ الكتابِ، ولو كانت الجزيةُ في رأي الصَّحابة مقبولةً من جميع أصنافِ أهلِ الكُفْرِ لَمَا كانَ لِتَوَقُّف (4) عُمَرَ ومَنْ مَعَهُ في ذلك معنىً.
          وأمَّا أمرُهُ بالتَّفرِقةِ بين كُلِّ ذي مَحْرَمٍ فإنَّ السُّنَّةَ في أهل الذِّمَّةِ أن لا يَكْشفُوا عن بَاطِنِ (5) أُمُورهم، وعَمَّا يَستَخْلُونَ به من مذاهبهم / في الأنكِحةِ وفي غيرها من شأنهم، وإنَّما (6) وَجْهُ مَا رُويَ عن عُمَرَ (7) من هذا أن يُمْنَعُوا مِنْ إظهارِهِ للمسلمين، وإنشائه في مَشَاهِدِهم (8)، وأن يُشيدُوا (9) بذِكراها كالإشادةِ (10) بذِكر أنكِحَةِ المسلمين إذا (11) عَقَدُوها في المجالس التي يجتمعون فيها للإمْلاَكِ.
          وهذا كما شُرِطَ (12) على النَّصارى أن لا يُخرِجُوا شَعَانينَهم، وأن لا يُظْهروا صُلُبَهم؛ لئلَّا يَفْتَتِنَ بهم (13) ضَعَفَةُ المسلمين، ثُمَّ لا يُكْشَفُ لهم عن شيءٍ مِمَّا يَستَخلون (14) به من بَاطِنِ كُفرِ وفَسَادِ مَذهبٍ. وهذا وَجْهُ الحديث ومعناه، والله أعلم.


[1] في (م): (لجُزَيء).
[2] في (ف): (عن).
[3] قوله: (قلت امتناع.... منهم) سقط من الأصل و(ط)، واستدرك من (ر) و(ف)، وسقط من (ف) قوله: (أخذها منهم).
[4] في (ف): (توقف).
[5] في (ط): (بواطن).
[6] في (ر) و(ف): (وأما).
[7] (عن عمر) سقطت من (ط).
[8] في (ر) و(ف): (وأشبابهه في مذاهبهم).
[9] في (أ): (يشدوا) وفي (م): (يشهدوا).
[10] في (م): (كالإشهاد).
[11] في الأصل: (إذْ)، والمثبت من (ط).
[12] في (ط): (شرطوا) وفي (م): (اشترط).
[13] (بهم) سقطت من (ط).
[14] في (أ): (يستخفون).