التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: إنه قد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء

          5588- قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) يعني القطان.
          قوله: (عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ) هو بفتح الحاء المهملة وتشديد المثناة من تحت، واسمه يحيى بن سعيد التيمي الكوفي، روى له الجماعة.
          قوله: (خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلعم فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ) إلى آخره. لم يُرد الحصر لقوله بعده: (وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ) وكما لا يقتضي الحصر لا ينفي الخمرية عن نبيذ الذرة والأرز وغيرهما.
          قال الخطابي: وإنَّما عدَّ عمر هذه الأنواع الخمسة لاشتهار أسمائها في زمانه ولم تكن كلُّها تُوجَدُ بالمدينة الوجود العام، فإنَّ الحنطة كانت بها عزيزة والعسل مثلها أو أعوز، فعدَّ عمر ما عرف منها وجعل ما في معناها ممَّا يُتَّخَذُ من الأرز وغيره خمرًا بمثابتها إن كان ممَّا يُخَامِرُ العقل ويُسكِرُ كإسكارها. وقوله: (وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ) يدلُّ على إحداث الاسم بالقياس وأخذه من طريق الاشتقاق، وزعم قوم أنَّ العرب لا تعرف النَّبيذ المتخَّذ من التمر خمرًا فصيحًا، فلو لم يصحَّ هذا الاسم بها لم يطلقوه عليها.
          قال: وأشار النَّبِيُّ صلعم إلى الشراب الذي هو جنس المشروب الموصوف بالإسكار، يدخل فيه كثيره وقليله بأيِّ اسم تسمَّى وبأيِّ صفة وُجِدَ، وفيه: بطلان قول مَن زعمَ أنَّ الإشارة بالسكر إنَّما وقعَتْ إلى الشربة الأخيرة أو إلى الجزء الذي يظهر السكر على شاربه عند شربه، لأنَّ الإسكار لا يختص بجزء من الشراب دون جزء، وإنَّما يُوجَدُ السكر في آخره على سبيل التعاون كالشِّبَع بالمأكول والرِّيِّ بالمشروب، ثمَّ الشراب الذي يسكر كثيره إذا كان في الإناء لا يخلو إمَّا أن يكون حلالًا أو حرامًا، فإن كان حرامًا لم يجز أن يشرب منه شيء وإن قلَّ، وإن كان حلالًا لم يجز أن يحرم منه شيء.
          قوله: (وَثَلاَثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلعم لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا: الجَدُّ وَالكَلاَلَةُ وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا) يريد أحكام مسائل الجد والإخوة، و(وَالكَلاَلَةُ) في الميراث تفاصيلها وأنواع أبواب الربا، ولقد أرشد الله الأئمة حتى استنبطوا أحكامها بتفاصيلها من الكتاب والسنة مع ما أجمعوا عليه بحيث لم يبق شيء منها مخفيًا (1) ولله الحمد والمنَّة.
          وقوله: (يَعْهَدَ إِلَيْنَا) (2)
          و(الكَلاَلَةُ) من لا والد له ولا ولد له، هذا مذهب الصدِّيق / والفاروق وعلي وزيد وابن مسعود والمدنيون والبصريون والكوفيون، ورُوِيَ عن ابن عباس: هو من لا ولد له. ثمَّ قيل: (الكَلاَلَةُ) اسم الميت، وهو قول ابن عباس، وقيل: اسم للفريضة (3) التي لا يرث فيها ولد ولا والد، وقيل: بنو العم الأباعد، وقيل: الوارث الذي ليس بولد ولا والد.
          قوله: (قَالَ: قُلْتُ يَا أَبَا عَمْرٍو) هي كنية عامر الشعبي (فَشَيْءٌ يُصْنَعُ بِالسِّنْدِ مِنَ الرزِ؟ قَالَ: ذَاكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلعم) (السِّنْدِ) بكسر السين المهملة وإسكان النون وبدال مهملة، بلاد بقرب الهند. و(الرزِ) لغة في الأرز، وهو بفتح الهمزة وضم الراء، وأرز بضمهما. والزاي مشدَّدة فيهما، وأرز بضمهما وبضم الهمزة وإسكان الراء والزاي مخفَّفة فيهما كرُسْل ورسُل.
          قوله: (والذُّرَة) بضم الذال المعجمة وتخفيف الراء، معروفة.


[1] صورتها في الأصل:((محيباً)).
[2] صورتها في الأصل:((لنا)) وكأنه يوجد سقط بعدها.
[3] في الأصل: ليست واضحة تماما.