التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: نعم المنيحة اللقحة الصفي منحة والشاة الصفي

          2629- قوله: (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) بكسر الزاي وفتح النون هو عبدالله بن ذكوان، والأعرج عبدالرَّحمن بن هرمز.
          قوله: (نعم المنحة اللقحة) المنحة: هي الناقة، والمشاة ذات اللبن تعار للبنها، ثمَّ نزل إلى أهلها، و(اللقحة): الناقة التي لها لبن تحلب، وتجمع على: لقاح، وهي بكسر اللام، وأمَّا بالفتح؛ فالمرة الواحدة من الحلب، وقِيلَ: بالفتح والكسر، فهما لغتان، حكاه أبو الفرج.
          قوله: (الصَّفِيُّ مِنْحَةً) قال القابسي: بالنصب على التمييز، قال ابن مالك: وفيه وقوع التمييز بعد فاعل نعم ظاهرًا، ولا يجيز سيبويه وقوع التمييز بعد فاعل إلا إذا أُضمر الفاعل، كقوله تعالى: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}[الكهف:50]، وجوَّزه المبرد، وهو الصَّحيح، وقال أبو البقاء: المنيحة فاعل نعم، واللقحة هي المخصوصة بالمدح، وتقدَّم أن منحة منصوب على التمييز توكيدًا، ومنه قول الشاعر:
فنعم الزاد زاد أبيك زادا
          (وَالشَّاةُ الصَّفِيّ) معطوف على اللقحة، وهي بفتح الصاد المهملة وكسر الفاء وتخفيف الباء، أي: الغزيرة اللبن، ويقال: صفية بالهاء، والجمع: صفايا، وقال الكرماني: إن قلت: الصفي صفة للقحة، فلم ما دل عليها بالتاء؟.
          وأجاب بأنَّه إمَّا فعيل أو فعول يستوي فيه الذكر والأنثى، ثمَّ قال: فإن قلت: لم دخل على المنحة؟ وأجاب بأنَّه لرد اللفظ من الوصفية إلى الاسمية، أو لأنَّ استواء التذكير والتأنيث إنَّما هو فيما كان موصوفه مذكر، قال القاضي: والمنحة عن العرب على وجهين: أحدهما: العطية مثلًا كالهبة والصلة، والأخرى: تختص بذوات الألبان وبأرض المزارعة يمنحه الناقة أو الشاة أو البقرة ينتفع بلبنها ووبرها وصوفها مدة ثمَّ يردها إليه ويعطيه أرضه ليزرعها لنفسه، ثمَّ يردها إليه وهي المنيحة أيضًا فعيلة بمعنى مفعولة، وأصله كله العطية، إمَّا عطية الأصل أو عطية المنافع.
          قوله: (تَغْدُو بِإِنَاءٍ، وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ) أي: تحلب بكرة وعشية.
          واعلم أنَّ المنحة من باب الصلات لا من باب الصدقات، وإلا لما قبلها رسول الله صلعم ، ولكانت عليه حرامًا.