تحفة الباري بشرح صحيح البخاري

حديث: إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل

          291- (مُعاذُ بنُ فَضَالَةَ) بفتح الفاءِ.
          (إِذا جَلَسَ) أي: الرجل (بَينَ شُعَبِها) _بضمِّ المعجمة وفتح المهملة_ جمع شعبة: وهي القطعة من الشيءِ. (الأَربَعِ) المراد بها: اليدان والرِّجْلان(1)، أو الفَخِذان(2) والشُّفْران، أو نواحي فرْجها الأربع، ورجَّحَه القاضي عياض. (ثُمَّ جَهَدَها) _بفتح الجيم والهاءِ_ أي: بلغ جهدَه أو طاقتَه، وهو كناية عن معالجة الإيلاج، أو الجهد: الجِماع أي: جامعها، وإنما كَنَّى بذلك؛ للتنزُّه عما يفحش ذكرُه صريحًا.
          ووجه دلالة الحديث على الترجمة: أنَّ بلوغ الجهد المذكور هو التقاء الختانين، ولهذا روى مسلم: ((إذا جلس بين شُعَبها الأربع ومسَّ الختانُ الختانَ)) وليس المراد بالمس حقيقتُه(3)؛ لأنَّ ختانها في أعلى الفرْج فوق مخرج البول الذي هو فوق مدخل الذَّكر، ولا يمسُّه الذَّكَر في الجماع، بل لو مسَّه بلا(4) جماع لم يجب الغسل، فالمراد: تغيُّب(5) حشَفَة الذَّكَر، وهو المراد بالتقاء الختانين، المراد به تحاذيهما. (فَقَد وَجَبَ الغُسل) أي: على الرجل والمرأة وإن لم يحصل إنزال، / فالموجب: غيبوبة الحَشَفَة، والحصر في خبر (6): ((إنَّما الماءُ من الماءِ)) أي: لا غسل بماءٍ من غير إنزال منيٍّ منسوخ، لكن قال ابن عبَّاس: ليس بمنسوخ، بل المراد به: نفي(7) وجوب الغسل بالرؤية في النوم إن لم يُنزل، فعلى ما قالَه: لا حاجة إلى دعوى نسخِه، بل حديث: ((إذا التقى الختانان)) مقدَّم عليه؛ لأنَّ دلالتَه على وجوب الغسل بالمنطوق، ودلالة الحصر عليه بالمفهوم، والمنطوق مقدَّم على المفهوم، بل قيل: إنَّه لا يُحتجُّ بالمفهوم.
          (تابَعَهُ) أي: هشامًا(8). (مِثلَهُ) بالنصب بمحذوف، أي: فروَيا مثلَه، أي: مثل(9) حديث الباب، وهو ساقط من نسخةٍ.
          (وَقالَ مُوسَى) أي: ابن إسماعيل التَّبُوذكيُّ شيخ البخاريِّ. (حَدَّثَنا أَبَانُ) في نسخة: <أخْبرَنا أبَان> وهو مصروف وممنوع الصرف كما مرَّ، ولما روى قتادة أولًا عن الحسن بـ (عَن) وهو مدلِّس صرح هنا بالسماع منه حيث قال: (أَخبَرنا الحسنُ) وإنَّما قال البخاريُّ هنا: (وَقالَ)، وثَمَّ: تابعَه؛ لأنَّ المتابعة أقوى؛ لأنَّ القول أعمُّ من نقلِه روايةً أو(10) مذاكرةً.


[1] زاد في (المطبوع) و(ط) و(د): ((واختاره ابن دقيق العيد. أو الرِّجْلان والفَخِذان، أو[في (د): ((و))] الرِّجْلان والشُّفْران))، وزاد في (ع): ((واختاره ابن دقيق العيد أو الرِّجلان)).
[2] زاد في (ع): ((أو الرِّجْلان)).
[3] في (د): ((حقيقة)).
[4] زاد في المطبوع: ((مخرج)).
[5] في (د): ((تغييب)).
[6] قوله: ((خبر)) ليس في (المطبوع).
[7] قوله: ((نفي)) ليس في (د).
[8] قوله: ((تابَعَهُ) أي: هشامًا)) ليس في (المطبوع).
[9] في (ط): ((بمحذوف، أي: فرويا مثلَه، أي: مثل)) تكرر.
[10] في (ط): ((و)).