التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة

          533- 534- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ): هذا(1) هو أبو بكر عبدُ الحَميد بنُ أبي أويس، ابنُ أختِ الإمامِ مالكٍ صاحبِ المذهبِ، الأصبحيُّ، يروي عن أبيه، وابن عجلان، وابن أبي ذئب، وعنه: أخوه إسماعيل ابن أبي أويس، وأيُّوب بن سليمان الرَّاوي عنه هنا، ومُحَمَّد بن رافع، تُوُفِّيَ سنة ░202هـ▒، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه، وثَّقه ابنُ مَعِين وغيرُه، وقال فيه الأزديُّ قولًا لا أذكره هنا، وقد ذكره الذَّهبيُّ في «ميزانه» مع كلامِ غيرِه، ولا يصحُّ عنه.
          قوله: (عَنْ سُلَيْمَانَ): هو سليمان بن بلال الذي تقدَّم(2) ولدُه أيُّوبُ شيخُ البخاريِّ في هذا(3) الحديث، وهو سليمان بن بلال، أبو مُحَمَّد، مولى [آل] أبي بكر، عن زيد بن أسلم وعبد الله بن دينار، وعنه: ابنه أيُّوبُ ولم يلقَه(4)، والقعنبيُّ، ولُوَين، ثقةٌ إمامٌ، تقدَّم، ولكن طال العهد به [خ¦99]، أخرج له الجماعة.
          قوله: (حَدَّثَنَا الأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ): (غيرُه): لا أعرفه، ولم ينبِّه عليه شيخُنا المؤلِّف ولا غيرُه ممَّن تقدَّمه فيما أعلم.
          قوله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ): تقدَّم مرارًا كثيرةً أنَّه عبدُ الرَّحمن بن صخرٍ، على الأصحِّ من نحو ثلاثين قولًا.
          قوله: (وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ): (نافعٌ): مَرْفوعٌ مُنوَّن، هو معطوف على (عبدُ الرَّحمن الأعرجُ وغيرُه)، وهذا الحديث الذي لنافعٍ عن ابنِ عُمَر رواه البخاريُّ بالطَّريق التي قَبْلَه؛ عن أيُّوبَ ابنِ سُلَيمان، عن أبي بكر _وهو عبد الحميد بن أبي أويس كما ذكرتُ لك_ عن صالح بن كيسان، عن نافع، عن ابن عمر، وهذا ظاهرٌ عند أهله غيرُ خفيٍّ.
          قوله: (أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ): قال الدِّمياطيُّ: (الضَّمير في «حدَّثاه» عائدٌ على الحديث، والألف في «حدَّثاه» ضميرُ أبي هريرة وابنِ عمر)، انتهى.
          قوله: (فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ): هو بقطع الهمزة، رُباعيٌّ؛ أي: بأداء الصَّلاة؛ أي: أَخِّروها عن وقت الهاجرة إلى حين بَرْدِ النَّهار وانكسارِ وَهْج الحَرِّ، يقال: أَبْرَدَ بالشيء؛ إذا دخل به في بَرْد النَّهار، وأبردتُ بكذا؛ إذا فعلتَه حينئذٍ.
          تنبيه: حقيقة الإبراد: أن تُؤخَّر الظهرُ حتَّى يصيرَ للحيطان فيءٌ يُظِلُّ الماشي، ولا تُؤخَّرَ عن النِّصف الأوَّل من الوقت، وقيل: المُعتبَر بأن ينصرف منها(5) قبل آخر الوقت، قال ابن الرِّفعة في «الكفاية»: وهو ظاهر النَّصِّ، ويؤيِّده حديثُ أبي ذرٍّ في «البخاريِّ»: (حتَّى ساوى الظِّلُّ التُّلولَ) [خ¦629].
          تنبيه آخر: يُستحبُّ تأخير الصَّلاة عن أوَّل وقتها(6) من حيث هي الظُّهر أو غيرها فوق أربعين مسألة، ذكرها بعض أصحابنا فيما قرأتُه عليه، وقد نَظَم ذلك في أبيات قرأتُها عليه(7).
          قوله: (مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ): هو بفتح الفاء، ثمَّ مُثَنَّاة تحتُ ساكنة، ثمَّ حاء مهملة؛ أي: من انتشار حرِّها وقوَّته، وعند أبي ذرٍّ: (فوح)، وهما بمعنًى، ومنه: فوح الطِّيب(8)؛ وهو سطوع ريحه وانتشارُه(9)، وما ذكرته من فتح فاء (فَيح) هو المعروف الذي لا يجوز غيره، ورأيتُ بعض النَّاس ممَّن يزعم في نفسه أنَّه أوحَدُ المدرِّسين يُدرِّس ويقولها: (فِيح) بكسر الفاء، ويصرِّفها، ويبحث عليها.


[1] زيد في (ج): (هو).
[2] زيد في (ب): (ذكره).
[3] (هذا): سقط من (ج).
[4] قوله: (ولم يلقه): جاء في (ب) في غير موضعه، وسقط من (ج).
[5] في (ب): (معها).
[6] (عن أوَّل وقتها): جاء في (ب) في غير موضعه.
[7] هذا التنبيه سقط من (ج).
[8] (الطيب): سقط من (ج).
[9] في (ج): (وانكساره)، وليس بصحيح، وانظر «مطالع الأنوار» ░5/278▒.