التلقيح لفهم قارئ الصحيح

معلق الليث: أن سبيعة بنت الحارث أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة

          3991- قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ...) إلى آخره: تعليق اللَّيْث مجزومٌ به، وقد أخرجه البُخاريُّ في (الطلاق) مختصرًا: عن يحيى ابن بُكَيْر، عن اللَّيْث، عن يزيد بن أبي حَبِيب: أنَّ ابن شهابٍ كتب إليه: أنَّ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة...؛ فذكره [خ¦5319]، وأخرجه مسلم، وأبو داود، والنَّسائيُّ من طريق ابن وهب عن يونس بهِ، و(اللَّيْث): تَقَدَّم أعلاه، و(يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، و(ابن شهابٍ): هو محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريُّ، وتَقَدَّمت الروايةُ بالكتابة المجرَّدة كهذه؛ والصحيح: جوازها، وقد تَقَدَّمت المسألة مع الإجازة وعدمها [خ¦637].
          قوله: (إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ): هذا هو عمر بن عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث ابن وهب بن عبد مناف بن زُهرة الزُّهريُّ، لأبيه صحبةٌ، أسلم عبد الله عام الفتح، وكتب للنَّبيِّ صلعم، ولأبي بكر وعُمر ☻، ووَلِيَ بيت المال لعُمر وعثمان يسيرًا، قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه قال: (والله ما رأيت رجلًا قطُّ أُراه كان أخشى لله من عبد الله بن الأرقم)، وقال مالك: (بلغني أنَّ عثمان أجاز عبدَ الله بن الأرقم وهو على بيت المال بثلاثين ألف درهم، فأبى أن يقبلها)، وعن عَمرو بن دينار: (أنَّها كانت ثلاث مئة ألف، فلم يقبلها، وقال: إنَّما عملت لله، وإنَّما أجري على الله)، وعن عُمر أنَّه قال: (لو كان لك سابقة؛ ما قدَّمتُ عليك أحدًا)، وكان يقول: (ما رأيت أحدًا أخشى لله من عبد الله بن الأرقم)، وأَضَرَّ قبل موته، روى عنه: عروة وغيره.
          وأمَّا (عُمر) ولده الواقع هنا؛ [فإنَّه] روى عن سُبيعة الأسلميَّة، وعنه: عبد الله بن عتبة بن مسعود وولده عُبيد الله بن عبد الله فيما كتب إليهما، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، قال الذَّهبيُّ: (وعنه: عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة إجازةً)، انتهى، ومرادُه _والله أعلم_ هذه الروايةُ بالكتابة.
          قوله: (عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ): هي زوجة سعد بن خولة الذي رثَى النَّبيُّ صلعم لموته بمكَّة، فوضعت هي بعده بليالٍ سيأتي كم مقدارُها والاختلافُ فيها مختصرًا قريبًا ومطوَّلًا بعيدًا [خ¦4909]، روى عنها: عُمر بن عبد الله بن الأرقم، ومسروق، وغيرهما، وقد روى عنها ابن عمر: «من مات بالمدينة؛ كنت له شهيدًا»، أخرج لها البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه ♦، قال ابن عبد البَرِّ: (وزعم العُقيليُّ: أنَّ سُبيعة التي روى عنها عبد الله بن عمر هي غير الأولى)؛ يعني: غير سُبيعة بنت الحارث، قال ابن عبد البَرِّ: (ولا يصحُّ ذلك عندي)، والله أعلم.
          قوله: (تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ وَهوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ...) إلى أن قال: (فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ): قال الدِّمياطيُّ: (سعد بن خولة من أهل اليمن حليف بني عامر بن لؤيٍّ، كنيته أبو سعيد، هاجر إلى الحبشة، ثُمَّ إلى المدينة وهو ابن خمس وعشرين سنة، وشهد أُحُدًا، والخندق، والحديبية، وخرج إلى مكَّة فمات بها قبل الفتح، ولمَّا كان يوم الفتح؛ مرض سعد بن أبي وقَّاص، فأتاه رسولُ الله صلعم يعوده لمَّا قدم من الجِعْرَانة معتمرًا، فقال / رسولُ الله صلعم: «اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ بنُ خَولَةَ يَرْثِي لهُ رَسُولُ الله صلعم أَنْ مَاتَ بِمَكَّة» [خ¦1295]، قاله ابن سعد) انتهى.
          وقال الذَّهبيُّ: (سعد بن خولة من بني عامر بن لؤيٍّ، وقيل: حليف لهم، وقيل: مولى ابن أبي رهم العامريِّ...) إلى أن قال: (توفِّي عن سُبيعة الأسلميَّة سنة عشر بمكَّة)، انتهى، وقال ابن عبد البَرِّ: (ولم يختلفوا أنَّ سعد بن خولة مات بمكَّة في حجَّة الوداع إلَّا ما ذكره الطبريُّ محمَّد بن جرير فإنَّه قال: «توفِّي سعد بن خولة سنة سبع»، والصحيح ما ذكره مَعْمَر، عن الزُّهريِّ، عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبيه: أنَّه توفِّي في حجَّة الوداع)، ثُمَّ ذكر من طريق أخرى (عن يزيد ابن أبي حبيب قال: توفِّي سعد بن خولة في حجَّة الوداع).
          فقول الدِّمياطيِّ فيما نقله _إنَّ سعد بن خولة مات قبل الفتح_ عن ابن سَعْدٍ، وكذا ما قاله محمَّد ابن جرير: إنَّه توفِّي سنة سبع؛ فيه نظرٌ؛ لأشياء؛ منها: أنَّهم قالوا: إنَّ أبا السنابل أسلم في الفتح كما سيأتي، وسُبيعة لم تمكث إلَّا يسيرًا، قيل: شهرًا، وقيل: خمسًا وعشرين ليلة، وقيل: دون ذلك، وقولُ الدِّمياطيِّ نقلًا: (إنَّ سعد بن أبي وقَّاص مرض يوم الفتح) فيه نظرٌ؛ إذ في «الصحيح»: أنَّ مرضه كان في حجَّة الوداع [خ¦1295].
          قوله: (فَلَمْ تَنْشَبْ): هو بفتح المثنَّاة فوق، وإسكان النون، ثُمَّ شين معجمة مفتوحة، ثُمَّ موحَّدة؛ أي: تلبث.
          قوله: (فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا): (تَعلَّت)؛ بفتح المثنَّاة فوق، ثُمَّ عين مهملة مفتوحة، ثُمَّ لام مشدَّدة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة؛ أي: انقطع دمها وطهرت.
          قوله: (أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ): (أبو السَّنابِل)؛ بفتح السين المهملة، ثُمَّ نون، وبعد الألف موحَّدة مكسورة، ثُمَّ لام، و(بَعْكَك)؛ بفتح الموحَّدة، وإسكان العين المهملة، ثُمَّ كافين؛ الأولى مفتوحة، وهو مصروفٌ، و(بَعْكَك): هو ابن الحَجَّاج بن الحارث بن السَّبَّاق بن عبد الدَّار؛ كذا نسبه ابنُ الكلبيِّ وابن عبد البَرِّ، وقيل في نسبه غير هذا، واسم أبي السنابل عَمرو، وقيل: حبَّة؛ بالموحَّدة، وقيل: بالنون، قال بعض الحُفَّاظ: (ولا تصحُّ)، أسلم أبو السنابل يوم فتح مكَّة، وكان من المؤلَّفة، وكان شاعرًا، سكن الكوفة.
          قال ابن بشكوال في «مبهماته»: (إنَّ ابن رشدين ذكر في «مسنده» أنَّ اسمه عبد الله)، قال: (وقال البُخاريُّ: «اسمه لبيد»)، وقال التِّرمذيُّ في «جامعه»: (قال محمَّد _يعني به: البُخاريَّ_: لا أعرف أنَّ أبا السنابل عاش بعد النَّبيِّ صلعم).
          فائدةٌ: ذكر الذَّهبيُّ في (حرف اللام) في «تجريده» أنَّ الدارقطنيَّ سمَّاه: (لبدريه)، وفي حاشيةٍ لأصلنا بخطِّ بعض فضلاء الحنفيَّة: (أبو السنابل اسمه عَمرو، وقيل: عامر، وقيل: حَبَّة، وقيل: حنَّة، وقيل: اسمه كنيته، وقيل: أصرم، وقيل: بغيض، له أخٌ يكنى أبا سنبلة، قال ابن إسحاق: «وهو من المؤلَّفة قلوبهم»، وفي قريش آخر يكنى أبا السنابل بن عبد الله بن عامر بن كريز، كانت عنده خديجة بنت عليِّ بن أبي طالب، وأمُّه عَمرة بنت أوس بن [أبي] عَمرو، من بني عذرة)، انتهى، وخديجة بنت عليِّ بن أبي طالب ذكرها ابن قتيبة في أولادِ عليٍّ، لكنَّها ليست من فاطمة؛ فاعلمه.
          قوله: (تُـَرَْجِّـَينَ)؛ بضمِّ أوله، وتشديد الجيم المكسورة، وبفتح أوَّله، وتخفيف الجيم المكسورة، وتُفْتَح أيضًا.
          قوله: (وإِنَّكِ) _وفي نسخة: (فإِنَّكِ)_ هو بكسر كاف الخطاب، وهما بكسر الهمزة، وتشديد النون، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (إِنْ بَدَا لِي): (بدا): معتلٌّ بغير همزٍ؛ بمعنى: ظهر، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
          قوله: (تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ): الضمير في (تابعه) يعود على اللَّيْث؛ لأنَّ اللَّيْث رواه عن يونس، وأصبغ رواه عن ابن وهب عن يونس، و(أَصْبَغُ): هو ابن الفرج المصريُّ الفقيه، وعنه البُخاريُّ، وقد قدَّمتُ أنَّ البُخاريَّ إذا قال: (قال فلان)، وفلانٌ المسندُ إليه القولُ شيخُه كهذا؛ فإنَّه يكون كـ(حدَّثنا) غير أنَّه يكون قد أخذه عنه في حال المذاكرة غالبًا [خ¦142]، وأصبغ بن الفرج شيخُه؛ فقوله (تابعه) مثل قوله: (حدَّثنا)(1)، والله أعلم، و(ابن وَهْب): هو عبد الله بن وَهْب أحد الأعلام، و(يونس): هو ابن يزيد الأيليُّ، تَقَدَّموا.
          قوله: (أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَـِيْر _وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا_ أَخْبَرَهُ): قال الدِّمياطيُّ حاكيًا عن أبي معشرٍ والواقديِّ: (إياس وخالد وعاقل وعامر بنو البُكير شهدوا بدرًا وأُحُدًا وما بعدهما)، انتهى، و(محمَّد) هذا: ابن إياس بن البكير بن عبد ياليل اللَّيْثيُّ المدنيُّ من أبناء البدريِّين، عن أبي هريرة، وعائشة، وعبد الله بن عُمر، وابن عبَّاس ♥، وعنه: أبو سلمة _وهو من أقرانه_ ومحمَّد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وغيرهما، في «الثقات» لابن حبَّان، [له] في (طلاق البكر)، علَّق له البُخاريُّ كما ترى، وروى له أبو داود.


[1] زيد في (أ): (تابعه)، وكانت: (قولُه تابعه)، ثمَّ ضُرِب على: (قوله)، والصواب حذف (تابعه) معه؛ ليستقيم الكلام.