التوضيح لشرح الجامع البخاري

حديث: أيما رجل كانَت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها

          ذكر فيه أحاديث:
          5083- أحدها: حديث الشَّعْبيِّ عن أبي بُرْدة عَنْ أَبِيهِ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ فَعَلَّمَهَا...) إلى أن قَالَ: (ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ...) الحديث، وسلف في العتق [خ¦2544] وغيره.
          (قَالَ الشَّعْبيُّ: خُذْهَا بِغَيْرِ شَيءٍ، قَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيْمَا دُونَهُ إِلَى الْمَدِيْنَةِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلعم: أَعْتَقَهَا ثُمَّ أَصْدَقَهَا).
          وهذا أسنده الإسماعيليُّ عن الحسن، حَدَّثنا مسلم بن سلام، حَدَّثنا أبو بكرٍ _يعني ابنَ عيَّاشٍ_ عن أبي حَصِينٍ بلفظ: ((ثُمَّ تزوَّجها بمهرٍ جديدٍ كان له أجران))، ورواه ابن حَزْمٍ مِنْ طريق يحيى بن عبد الحميد الحِمَّانيِّ عن أبي بكرٍ، قَالَ ابنُ حَزْمٍ: تفرَّد به يحيى وهو ضعيفٌ جدًّا، والخبر مشهورٌ مِنْ رواية الثِّقات ليس فيه: ((بمهرٍ جديدٍ)).
          و(أَبُو بَكْرٍ) هذا اسمه كنيته على الصَّحيح، وقيل: اسمه شُعبة، وأبو حَصِينٍ بفتح الحاء اسمه عثمان بن عاصمٍ أسديٌّ كاهليٌّ كوفيٌّ، مات سنة ثمانٍ وعشرين ومئةٍ، ومات قبله أبو بكر بن عيَّاشٍ سنة اثنتين وقيل: ثلاثٍ، وقيل: أربعٍ وتسعين ومئة، وذكر أنَّه أكبر مِنَ الثَّوْريِّ بسنةٍ، وهو مولى واصلٍ الأسديِّ.
          واسم ((أَبِي بُردَةَ)) عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حضَّارٍ الأشعريُّ قاضي الكوفة، مات سنة أربعٍ، وقيل: سنة ثلاثٍ ومئةٍ، وقيل: قبل موسى بن طلحة بأيَّامٍ، ومات موسى سنة ستٍّ ومئةٍ، ومات عامر بن شُراحيل الشَّعْبيِّ على قولٍ، ورواية الشَّعْبيِّ عن أبي بُردة في الأولى تدخل في المُدَبَّجِ، ومات أبو موسى سنة أربعٍ أو اثنتين وأربعين عن ثلاثٍ وستِّين، وقيل: سنة خمسٍ أو إحدى أو اثنتين وخمسين.
          فصلٌ: قوله: (ثُمَّ أَصْدَقَهَا) هو بيانٌ لقوله قبله: (وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ) وظاهره توقُّف حصولهما عليه، وفيه دلالةٌ للشَّافعيِّ ومالكٍ أنَّ عتقها لا يكون صداقًا، وأنَّ فعلَه في صفيَّة خاصٌّ به، وأخذ بظاهر حديث صفيَّة أحمد وإسحاق أنَّه جعله عوضًا مِنْ بضعها.
          فصلٌ: قوله: (وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ) قَالَ الدَّاوُديُّ: قوله: (مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ) يعني كان على دين عيسى، قَالَ: وأمَّا اليهود ومَنْ كفر مِنَ النَّصارى فليسوا مِنْ ذلك لأنَّه لا يُجازى على الكفر بالخير، واستدلَّ بقوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ} الآية [القصص:53-54].