التوضيح لشرح الجامع البخاري

حديث: استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع

          الحديث السَّادس:
          3331- حديثه أيضًا: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ) وأخرجه مسلمٌ أيضًا.
          وقوله: (اسْتَوْصُوا) يحتمل أنْ يكون معناه: أوصُوا بهنَّ، وقد جاء اسْتَفْعَلَ بمعنى أَفْعَلَ، قال تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} [البقرة:186] وقال: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا} [الشورى:26].
          قال الشاعر:
فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ.
          ويُحْتَمَل أنْ يكون اسْتَفْعَلَ على أصله، وهو طلبُ الفعل، فيكون معناه: اطلبوا الوَصيَّة مِنَ المريض بالنِّساء، لأنَّ عائد المريض يُستحبُّ له أنَّ يحثَّ المريض على الوصيَّة، ذكرهما ابن الجوزيِّ وخصَّ النِّساء بالذِّكر لضعفهنَّ واحتياجهنَّ إلى مَنْ يقوم بأمرهنَّ، يعني: اقبلوا وصيَّتي فيهنَّ، واعملوا بها واصبروا عليهنَّ وارفُقُوا بهنَّ وأحسنوا إليهنَّ.
          قال الدَّاوُديُّ: يريد بقوله: (وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ) يريد اللَّسان لأنَّهُ في أعلاها، وهو غريبٌ.
          قال: وقوله: (إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ) يعني الطَّلاق، وأُنكر ذلك عليه كما قال ابن التِّين، فإنَّ الحديث إنَّما ذُكر فيه الضِّلَع ولم يُذكر النِّساء إلاَّ بالتَّمثيل بالضِّلَع، والضِّلَع الَّذي خُلقت منه هي ضِلَعُ آدمَ اليسرى، والالتواء الَّذي في أخلاق النِّساء مِنْ ذلك لأنِّ الضِّلع عوجاءُ.
          قال: وقوله: (أَعْلاَهُ) صوابه: أعلاها، وكذا قوله: (لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ) صوابه: عوجاء، وذلك أنِّ الضِّلع مؤنَّثةٌ، إلَّا أنَّ ذلك يجوز على ما ذكر في المؤنَّث الذي ليس بفرجٍ، وقد يحتمل أن يعود (لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ) على أعلى الضِّلع.
          والضِّلَع بكسر الضَّاد وفتح اللَّام، وقد تُسكَّن.