التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من يكبر في سجدتي السهو

          ░5▒ باب يُكَبِّرُ في سَجْدَتَي السَّهْوِ.
          1229- ذَكَر فيه حديث أبي هُرَيرةَ قال: (صَلَّى النَّبِيُّ صلعم إِحْدَى صَلاَتَيِ العَشِيِّ...) الحديث.
          1230- وحديث عبدِ اللهِ بنِ بُحَيْنَةَ الأسَدِيِّ حَليفِ بني عبدِ المطَّلبِ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَامَ فِي صَلاَةِ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ...) الحديث. ثمَّ قال: تابعَهُ ابنُ جُرَيجٍ، عن ابن شِهَابٍ في التَّكْبِيرِ.
          الشرح: حديث أبي هُرَيرةَ وابن بُحَينة سلَفا.
          وقوله: (حَلِيفِ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ) تقدَّم في باب: مَن لم يرَ التشهُّدَ الأوَّل واجبًا [خ¦829]، أنَّ الصحيح الذي عليه المؤرِّخُون إسقاط (عَبْدِ) لأن جدَّه حالف المطَّلِبَ بن عبدِ منافٍ.
          أمَّا التكبير في سجود السَّهو فهو ثابتٌ عن رسول الله صلعم. قال المهلَّب: وكذلك ألحقَ المسلمون فيهما التشهُّدَ والسَّلام. وقد سلف قبيلَ بابِ: إذا صلَّى خمسًا ما فيه مِن الخلاف.
          وفيه مِن الفقه: أنَّه لو انحرف عن القبلة في صلاته ساهيًا أو مشى قليلًا أنَّه لا يُخرجه ذلك عن صلاته لأنَّه صلعم قام إلى خشبةٍ في مُقَدَّم المسجد فوضع يده عليها وخرج السَّرَعانُ، وقالوا: إنَّه قصرت الصَّلاة، فلم ينقص ذلك صلاتهم لأنَّه كان سهوًا، فدلَّ أنَّ السهو لا ينقص الصَّلاة، وقد أسلفنا عن بعضهم: لا يستعمل اليوم مثل هذا مِن الخروج مِن المسجد، والكلامُ _ليس الإعادةُ والعملُ الكثير_ في الصَّلاة مسقطٌ لخشوعها.
          فلذلك استحبَّ العلماء إعادتَها مِن أوَّلها إذا كثُر العمل مثل هذا، وقد أسلفنا: إن تكرَّر السهو هل يكرِّرُ السجود؟ وأنَّ أكثر أهل العلم على المنع، وهو قول النَّخَعيِّ وربيعةَ ومالكٍ والثَّوريِّ والليثِ والكوفيِّين والشافعيِّ وأبي ثورٍ، منهم مَن قال: يسجد في ذلك كلِّه قبل السلام، ومنهم مَن قال: بعده. على حسب أقوالهم في ذلك، وحُجَّته حديثُ الباب، فإنَّه حصل فيه أمورٌ سلفت، ولم يزد على سجدتين. وقال مالكٌ: إنَّه إذا اجتمع سهوان زيادةٌ ونقصان سجد قبل السلام. أخْذًا بحديثي الباب.
          وقوله: (سُرُعَانُ النَّاسِ) قال ابن التِّين: كذا وقع هنا بالضَّمِّ. وقال ابن فارسٍ: بفتحها، وفتح الرَّاء أيضًا. وفيه جواز تسمية القصير والطويل مِن النَّاس.
          وقوله: (لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ) هو بيانٌ لقوله في الرواية الأخرى: ((كلُّ ذلك لم يكن)) وهو ردٌّ على مَن قال إنَّهما لم يجتمعا، وأنَّ أحدهما كان.