شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب مسجد قباء

          ░2▒ بابُ: مَسْجِدِ قُبَاءٍ. /
          فيهِ: ابنُ عُمَرَ(1): أَنَّه كَانَ لا يُصَلِّي الضُّحَى إِلَّا في يَوْمَيْنِ: يَوْمَ يَقْدمُ مَكَّةَ(2)، فَيَطُوفُ بِالبَيْتِ ويُصَلِّي حَوْلَ(3) المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَيَوْمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ(4) يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ، فَإِذَا دَخَلَ المَسْجِدَ كَرِهَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ حتَّى يُصَلِّي فِيهِ، وَكَانَ يُحَدِّثُ أنَّ النَّبيَّ(5) صلعم كَانَ يَزُورُهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا، ويَقُولُ: أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يَصْنَعُونَ، وَلا أَمْنَعُ أَحَدًا أَنْ(6) يُصَلِّي في أيِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، غَيْرَ أَنْ لا تَتَحَرَّوْا(7) بِصَّلاَتَكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلا غُرُوبَهَا. [خ¦1191] [خ¦1192]
          وترجم له: بَابُ مَنْ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ. وقَالَ ابنُ عُمَرَ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا ومَاشِيًا))، وترجم له: بَابُ إِتْيَانِ مَسْجِد قُبَاءٍ راكبًا وماشيًا(8).
          قال أبو جعفرٍ الدَّاوُدِيِّ: إِتْيَانُ النَّبيِّ صلعم مسجدَ قُبَاءٍ يدلُّ أن ما قَرُبَ من المساجد الفاضلة الَّتي في المصر لا بأس أن يُؤتى راكبًا وماشيًا(9)، ولا يكون فيه ما نُهِيَ أن تُعْمَلَ المَطِيُّ(10).
          وذكر ابنُ أبي شَيْبَةَ من حديث أبي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ عن أبيه عن النَّبيِّ صلعم: ((إنَّ صلاةً في مَسْجِدِ قُبَاءٍ كعُمْرَةٍ)). ورُوِيَ عن سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ وابنِ عُمَرَ(11) أنَّهما قالا: ((صَلَاةٌ فيهِ كعُمْرَةٍ)). وروى(12) وَكِيْعٌ عن رَبِيْعَةَ بنِ عُثْمَانَ، قال: حدَّثني عِمْرَانُ بنُ أبي أَنَسٍ، عن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، قال: اختلفَ رَجُلَانِ في المسجدِ الَّذي أُسِّسِ على التَّقَوَى، فقالَ أحدُهما: هوَ مسجدُ المدينةِ، وقالَ الآخرُ: هوَ مسجدُ قُبَاءٍ، فأَتَوا النَّبيَّ صلعم فقال: ((هُوَ مَسْجِدِي هَذَا)). وروى وكيعٌ، عن أُسَامَةَ بنِ زيدٍ عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي سَعِيدٍ الخُدْريِّ عن أبيه عنِ النَّبيِّ صلعم مثله.
          وذكر الدَّارَقُطْنِيُّ عن كثيرِ بنِ الوليدِ عن مالكِ بنِ أَنَسٍ عن أبي الزِّنَادِ، عن خَارِجَةَ بنِ زيدِ بنِ ثابتٍ عن أبيه عن النَّبيِّ صلعم مثله(13). وهو قول ابنِ عُمَرَ وسَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ ومالكِ بنِ أَنَسٍ(14)، وقد يجوز أن يكونا جميعًا أُسِّسَا على التَّقْوَى.
          وقد اختُلِفَ(15) فيمن نذر الصَّلاة في مسجد قُبَاءٍ من المدينة،(16) فذكر ابنُ حَبِيْبٍ عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّه أوجبه فيه(17)، وفي كتاب ابنِ المَوَّازِ: ومَن(18) نَذَرَ أن يُصَلِّي في مسجدٍ غير الثَّلاث مساجد فليصلِّ بموضعه ولا يأتيه(19)، إلَّا أن يكون قريبًا جدًّا، فليأته فليصلِّ(20) فيه. قال ابنُ حَبِيْبٍ: قال مالكٌ: إن كان معه في البلد مشى إليه، وصلَّى فيه.


[1] قوله: ((ابن عمر)) ليس في (م).
[2] زاد في (م): ((فإنَّه كان يقدمها ضحى)).
[3] في (م): ((خلف)).
[4] قوله: ((كان)) ليس في (ص).
[5] في (ص): ((الرسول)).
[6] قوله: ((أن)) ليس في (م).
[7] في (م) و(ص): ((تحرَّوا)).
[8] قوله: ((وترجم له باب إتيان مسجد قباء راكبًا وماشيًا)) ليس في المطبوع و(ص).
[9] في المطبوع و(ص): ((ماشيًا وراكبًا)).
[10] في (م): ((ما نهي عنه أن يعمل المَطِيِّ إليه)).
[11] في (ص): ((وقاص وعمر)).
[12] في (م): ((كعمرة. وقيل إنَّه المسجد الَّذي أُسِّس على التَّقوى. روى)).
[13] في (م): ((عن أبيه قال: المسجد الَّذي أُسِّس على التَّقوى هو مسجد رَسُولِ الله صلعم)).
[14] زاد في (م): ((وجماعة)).
[15] في (م): ((اختلفوا)).
[16] قوله: ((من المدينة)) ليس في (م).
[17] في (م): ((أوجبه في مسجد قباء من المدينة)).
[18] في (م): ((ابن الموَّاز، من))، وفي المطبوع و(ص): ((ابن المنذر ومن)).
[19] في (م): ((موضعه ويجزئه))، وفي المطبوع و(ص): ((موضعه ولا يأتيه)).
[20] قوله ((فليصلِّ)) ليست في (ي).