شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من رهن درعه

          ░2▒ بَابُ مَنْ رَهَنَ دِرْعَهُ
          فيهِ الأَعْمَشُ قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ وَالقَبِيلَ في السَّلَفِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ(1)، عَنْ عَائِشَةَ: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم اِشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ(2) دِرْعَهُ). [خ¦2509]
          وترجم له الرَّهن عند اليهود وغيرهم، وإنَّما(3) أراد البخاريُّ(4) أنْ يستدلَّ بأنَّ الرَّهن لمَّا جازَ في الثَّمن بالسُّنَّة المجتمع عليها، جاز في المثمَّن وهو السَّلم.
          وبيان ذلك أنَّه لمَّا جاز أنْ يشتريَ الرَّجلُ طعامًا أو عرضًا بثمنٍ إلى أجلٍ، ويرهن في الثَّمن رهنًا، كذلك يجوز إذا دفع عينًا سلمًا في عرض طعامٍ أو غيره أنْ يأخذَ في الشَّيء المسلَّم فيه رهنًا، وكلُّ ما جاز تملُّكه وبيعه جاز رهنه.
          وفي: (رَهَنَ النَّبِيُّ صلعم دِرْعَهُ مِنَ(5) اليَهُودِيِّ(6)) مِنَ الفقه دليلٌ أنَّ متاجرة أهل الكتاب والمشركين جائزةٌ، إلَّا أنَّ أهل الحرب لا يجوز أن يُباع منهم السِّلاح، ولا كلُّ ما يتقوَّون به على أهل الإسلام، ولا أن يرهن ذلك عندهم، وكان هذا اليهوديُّ الَّذي رهنه النَّبيُّ(7) ◙ درعَهُ مِنْ أهل الذِّمَّة، ومِمَّنْ لا تُخشى منه غائلةٌ ولا مكيدةٌ للإسلام، ولم يكن حربيًّا.


[1] في (ز): ((السَّلف فقال حدَّثنا الأسود)).
[2] في المطبوع: ((ورَهَنَ)).
[3] في (ز): ((إنَّما)).
[4] في (ز): ((النَّخَعِيُّ)).
[5] في (ز): ((عند)).
[6] في المطبوع: ((يهوديٍّ)).
[7] قوله: ((النَّبِيُّ)) ليس في (ز).