عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

ذكر معناه
  
              

          ذِكْرُ معناهُ:
          قوله: (نَذَرَتْ أُخْتِي) قال المنذريُّ وابن القسطلانيِّ والشيخ قطب الدين الحلبيُّ وآخرون: هي أمُّ حِبَّان _بكسر الحاء المُهْمَلة وتشديد الباء المُوَحَّدة_ بنت عامر الأنصاريَّة، قال بعضهم: نسبوا ذلك لابن ماكولا فوهِموا، وقال: وقد كنت تبِعتُ مَن ذكرتُ _يعني: هؤلاء الذين ذكرناهم_ ثُمَّ رجعت.
          قُلْت: ليس ذاك بوهمٍ؛ فإنَّ الذهبيَّ قال في «تجريد الصحابة»: (أمُّ حِبَّان بنت عامرٍ الأنصاريَّة أخت عقبة، حديثها في «النذر») وقوله: (حديثها في «النذر») يدلُّ على أنَّها أخت عُقْبَة بن عامر الجُهَنِيِّ، وأَمَّا قوله: (الأنصاريَّة) _وهي ليست بأنصاريَّة في زعم هذا القائل_ فيحتمل أن تكون هي مِن جهة الأمِّ أنصاريَّة، ومِن جهة الأب جُهَنيَّة، وإطلاق نسبتها إلى الأنصار يكون مِن هذه الجهة، ولا مانع مِن ذلك.
          قوله: (أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللهِ) وفي رواية مسلمٍ: (أن تمشيَ إلى بيت الله حافية) وفي رواية أحمد وأصحاب السنن مِن طريق عبد الله بن مالكٍ عن عُقْبَة بن عامر الجُهَنِيِّ: أنَّ أخته نذرت أن تمشيَ حافية غير مختمرة، وفي رواية الطَّحَاويِّ: (نذرت أن تمشيَ إلى الكعبة حافيةً حاسرةً) وفي رواية الطبرانيِّ: (حافيةً متحسِّرة) وفي رواية الطَّبَريِّ مِن طريق إسحاق بن سالم عن عُقْبَة بن عامر: (وهي امرأةٌ ثقيلةٌ، والمشيُ يشقُّ عليها) وفي رواية أبي داود مِن طريق قتادة عن عِكْرِمَة عنِ ابن عَبَّاس: (أنَّ عُقْبَة بن عامر سأل النَّبِيَّ صلعم فقال: / إنَّ أختهُ نذرت أن تمشي إلى البيت، وشكا إليه ضعفها).
          قوله: (لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ) وفي رواية عبد الله بن مالك: (مُرها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيَّام) وفي رواية الطبرانيِّ: (مُروها فلتختمر ولتركب ولتحجَّ) وفي رواية عِكْرِمَة عن ابن عَبَّاس المذكورة: (فلتركب، ولتُهْدِ بدنةً).
          (ص) قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لَا يُفَارِقُ عُقْبَةَ.
          (ش) أي: قال يزيد بن أَبِي حَبِيب: (وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ) وهو مرثد بن عبد الله، وأراد بذلك أنَّ سماع أبي الخير له مِن عُقبة ☺ .