عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: لا ومقلب القلوب
  
              

          6617- (ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كَثِيرًا مِمَّا كَانَ النَّبِيُّ صلعم يَحْلِفُ: «لَا، وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ».
          (ش) مطابقته للترجمة مِن حيث إنَّ معنى (مُقَلِّبِ القُلُوبِ) تقليبه قلبَ عبده عَنِ إيثار الإيمان إلى إيثار الكفر وعكسه، وفعل الله عدلٌ في ذلك؛ كما ذكرناه الآن.
          و(عَبْدُ اللهِ) هو ابن المبارك، و(مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ) بِضَمِّ العين المُهْمَلة وسكون القاف، و(سَالِمٌ) هو ابن عمر، يروي عَن أبيه (عَبْدِ اللهِ) ابن عُمَر بن الخَطَّاب.
          والحديث أخرجه البُخَاريُّ أيضا في (التوحيد) عن سعيد بن سُلَيمان، وفي (الأَيمان والنذور) عن مُحَمَّد بن يوسف، وأخرجه التِّرْمِذيُّ في (الإيمان) عن عليِّ بن حُجرٍ وعبد الله بن جعفر، وأخرجه النَّسائيُّ عن أحمد بن سليمان وغيره، وأخرجه ابن ماجه في (الكفَّارات) عن عليِّ بن مُحَمَّد الطنافسيِّ.
          قوله: (كَثِيرًا) نصب على أنَّهُ صفة لمصدر محذوف؛ تقديره: يحلف حَلِفًا كثيرًا مِمَّا كان يريد أن يحلف مِن ألفاظِ الحلف.
          قوله: (لَا) فيه حذفٌ؛ نحو: لا أفعل، أو لا أترك، وحقِّ مقلِّبِ القلوب؛ وهو الله ╡ ، والواو فيه للقسم، قال الكَرْمانيُّ: «مقلِّب / القلوب» أي: يقلِّب أغراضَها وأحوالها مِنَ الإرادة وغيرها؛ إذ حقيقة القلب لا تنقلب.
          وفيه: دلالة على أنَّ أعمال القلوب مِنَ الإرادات والدواعي وسائر الأغراضِ بخلق الله تعالى؛ كأفعال الجوارح.