مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة وعتق ولد الزنا

          ░7▒ باب عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة، وعتق ولد الزنا
          وقال طاوس.. إلى آخره.
          ثم ساق فيه حديث جابر في بيع المدبر، وليس من الكفارة في شيء، إنما فيه جواز بيع المدبر، إلا أن يقال: لو وجبت عليه كفارة لما وجد شيئاً يكفر به إلا مدبره، أو يقال: لما جاز بيعه جاز عتقه في الكفارة وغيرها كما سيأتي.
          وأثر طاوس أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد فيه ليث عنه.
          أخرجه ابن علية عنه: يجزئ عتق المدبر في الكفارة وأم الولد في الظهار. وقد اضطربت روايته عن طاوس في الجواز وعدمه، فيقال: كيف علقه بصيغة الجزم، ولعل له طريقاً آخر غيره.
          وممن قال بقول طاوس الحسن في المدبر، وبقوله في أم الولد إبراهيم وعلي.
          واختلف في هذا الباب، فقال مالك: لا يجوز أن يعتق في الرقاب الواجبة مكاتب ولا مدبر ولا أم ولد، ولا معتق إلى سنين، وهو قول الكوفيين والأوزاعي والشافعي، إلا إن الشافعي أجاز عتق المدبر، وكذا أبو ثور، وقال الأوزاعي وأصحاب الرأي وأبو عبيد: لا يجزئه وإن الكوفيين والأوزاعي قالوا: إن المكاتب قد أدى شيئاً من كتابته ولا يجوز عتقه في الكفارة، وإن لم يؤد شيئاً جاز عتقه، وبه قال الليث وأحمد وإسحاق، وفيه قول ثالث: أن عتقه يجزئ وإن أدى بعض كتابته؛ لأنه عبد ما بقي عليه درهم، فهو يباع. وقد اشترت عائشة بريرة بأمر الشارع، هذا قول أبي ثور.
          وأما عتق أم الولد في الرقاب الواجبة ففقهاء الأمصار منهم مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأبو عبيد على أنه لا يجوز عتقها في ذلك؛ من أجل أنه قد ثبت لها شرط الحرية بعد موت سيدها.
          وأما عتق ولد الزنا في الرقاب الواجبة فأجازه الفقهاء، روي ذلك عن عمر وعلي وعائشة، وجماعة من الصحابة.
          قال عطاء والشعبي والنخعي: لا يجوز عتقه، وما روي عن أبي هريرة مرفوعاً: ((إنه شر الثلاثة)) فقد روي عن ابن عباس وعائشة إنكار ذلك. قال ابن عباس: لو كان شر / الثلاثة ما استوفى بأمه حتى تضعه. وقالت عائشة: ما عليه من ذنب أبويه شيء، ثم قرأت: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164].
          قال ابن المنذر: روينا عن فضالة بن عبيد وأبي هريرة: أجزأه، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وطاوس وإسحاق والشافعي وأحمد وأبو عبيد، وبه نقول لدخوله في قوله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة:89].
          قال ابن المنذر: أجمعوا على من وجبت عليه كفارة يمين فأعتق عنها رقبة أن ذلك يجزئ عنه، واختلف في عتق غير المؤمنة عن الكفارة، فكان عطاء وإبراهيم وأصحاب الرأي يجيزونه، وقال مالك والشافعي وأبو عبيد والأوزاعي: لا يجزئه.
          باب إذا أعتق عبداً بينه وبين آخر
          فيه حديث عائشة أنها أرادت أن تشتري بريرة.. الحديث.
          اختلف في هذه المسألة، فقال مالك والأوزاعي: إذا أعتق أحد الشريكين عبداً بينه وبين غيره عن الكفارة إن كان موسراً: أجزأه، ويضمن لشريكه حصته، وإن كان معسراً: لم يجزه، وهو قول محمد وأبي يوسف والشافعي وأبي ثور.
          وقال أبو حنيفة وبعض أصحابه: لا يجزئه عن الكفارة موسراً كان أو معسراً. حجة الأولين أن المعتق الموسر إذا لم يكن شريكه يعتق نصيبه، فالعبد كله على الموسر حر، فلذلك أجزأ عنه. وحجة مقابله أنه أعتق نصف عبد لا عبداً كاملاً؛ وأما الولاء فهو للمكفر المعتق عند جماعة العلماء؛ لأنه لما أعتق نصيبه وكان موسراً وجب عليه عتقه كله، وقد قال ◙: ((الولاء لمن أعتق))، فلذلك أدخل (خ) هذا الحديث هنا.
          قال ابن التين: ومذهب مالك أن من أعتق عبداً عن كفارة كان ولاؤه له، وإن أعتقه عن زكاة عزَّ ولاؤه للمسلمين.