نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافي

          5742- (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو: ابنُ مسرهد، قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ) هو: ابنُ سعيد (عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ) هو: ابنُ صهيب، أنَّه (قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ) بالمثلثة، هو: ابنُ أسلم البُناني _بضم الموحدة وتخفيف النون الأولى_ (عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) ☺ / (فَقَالَ ثَابِتٌ) لأنس (يَا بَاحَمْزَةَ) أصله: يا أبا حمزة، فحذفت الألف للتَّخفيف، وأبو حمزة كنية أنس ☺ (اشْتَكَيْتُ) بضم التاء؛ أي: مرضت.
          (فَقَالَ) له (أَنَسٌ: أَلاَ) بتخفيف اللام للعرض والتَّنبيه (أَرْقِيكَ) بفتح الهمزة (بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلعم ؟ قَالَ) ثابت: (بَلَى، قَالَ) أنس ☺ (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ الْبَاسِ) بضم الميم على صيغة اسم الفاعل من الإذهاب، ورُوِي: ((أذهب البأس)) على صورة الأمر منه، و«الباس» بغير همز للمؤاخاة، وفي الفرع: بالهمز على الأصل، وفي «اليونينية»: بتركه، والبأس: الشِّدَّةُ والعذاب.
          (اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي) قال الحافظُ العسقلاني: يُؤخذُ منه جوازُ تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن بشرطين: أحدهما: أن لا يكون في ذلك ما يُوهم نقصًا. والآخر: أن يكون له أصلٌ في القرآن، وهذا من ذاك، فإنَّ في القرآن: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء:80].
          وقال العينيُّ: هذا الباب فيه خلافٌ، منهم من قال: أسماء الله توقيفيَّة فلا يجوز أن يُسمَّى بما لم يسمع في الشَّرع، ومنهم من قال: غير توقيفيَّة، ولكن اشترطوا الشَّرط الأوَّل فقط.
          (لاَ شَافِي إِلاَّ أَنْتَ) إشارةٌ إلى أنَّ كلَّ ما يقعُ من الدَّواء والتَّداوي إذا لم يصادف تقدير الله ╡ لا ينجعُ (شِفَاءً) مصدرٌ منصوب بقوله: «اشفْ». قال الحافظُ العسقلاني: ويجوز الرَّفع على أنَّه خبر مبتدأ؛ أي: هو؛ أي: الشِّفاء المطلوب، وهذا بعيدٌ إن لم يرد به الرِّواية (لاَ يُغَادِرُ) بالغين المعجمة؛ أي: لا يترك (سَقَمًا) بفتحتين وبضم وسكون، مفعوله.
          ويُؤخذ من هذا الحديث أنَّ الإضافة في التَّرجمة للفاعل، وقد ورد ما يدلُّ على أنَّها للمفعول، وذلك فيما أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد ☺: أنَّ جبريل ◙ أتى النَّبي صلعم فقال: ((يا محمَّد اشتكيتَ؟ قال: نعم، قال: بسم الله أرقيك، من كلِّ شيءٍ يُؤذيك، من شرِّ كلِّ نفسٍ أو عين حاسدٍ الله يشفيك)). وله شاهدٌ عنده بمعناه من حديث عائشة ♦. /
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة ظاهرةٌ. وقد أخرجه أبو داود في «الطب» أيضًا، والتِّرمذي في «الجنائز»، والنَّسائي في «اليوم والليلة».