نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: لا تقرنوا فإن النبي نهى عن الإقران

          2490- (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ) هشام بن عبد الملك الطيالسيُّ، قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ) أنَّه (قَالَ: كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَأَصَابَتْنَا سَنَةٌ) بالفتح؛ أي: جدبٌ وغلاء (فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ) هو عبدُ الله بن الزُّبير بن العوَّام ☻ (يَرْزُقُنَا التَّمْرَ) أي: يقوتنا به، يُقال: رزقته رزقاً فارتزق، كما يُقال: قُتُّه فاقتات، والرِّزق: اسمٌ لكلِّ ما يُنتفع به حتى الدَّار والعبد، وأصله في اللُّغة: الحظُّ والنصيب، وكلُّ حيوانٍ يستوفي رزقه حلالاً أو حراماً.
          (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ: لاَ تَقْرنُوا) بضم الراء وكسرها، ومن الإقران وهو قليل (فَإِنَّ النَّبِيَّ صلعم نَهَى عَنِ القِرَانِ) ويُروى: <عن الإقران> (إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ) ويروى: عن جبلة قال: كنَّا بالمدينة في بعث العراق فكان ابن الزُّبير يرزقنا التَّمر، وكان ابن عمر ☻ يمرُّ ويقول: لا تقارنوا إلَّا أن يستأذن الرَّجل أخاه، ويُروى نحوه عن أبي هريرة ☺ في أصحاب الصفَّة.
          وقد عرفت أنَّ النَّهي للتنزيه، وقالت الظَّاهرية للتحريم، وأمَّا السبب عن النهي فهو ما فيه من الحرص على الأكل، وقالت عائشة ♦: إنَّه الدَّناءة، وقيل: هذا لأجل ما فيه من الغبن، ولأنَّ مُلْكَهم فيه سواء، فإذا أَذِن له صاحبه فكأنَّه جاد عليه بفضلِ ما بين القران والإفراد.
          وقد مرَّ الحديث في «المظالم» في باب: «إذا أذن إنسان لآخر شيئاً جاز» [خ¦2455].