نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: هو عليها صدقة وهو لنا هدية

          1495- (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى) بن عبد ربه أبو زكريا السَّختياني، المعروف بِخَتّ، بخاء معجمة مفتوحة فمثناة فوقية مشدَّدة، وقد مرَّ في آخر كتاب الصلاة [خ¦423] قال: (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ) هو ابن الجرَّاح الرُّؤَاسِي، بضم الراء وفتح الهمزة وبالسين المهملة، الكوفي، وقد مرَّ في باب كتابة العلم [خ¦111]، قال: (حَدَّثَنَا / شُعْبَةُ) أي: ابن الحجَّاج (عَنْ قَتَادَةَ) بن دِعامة (عَنْ أَنَسٍ) هو: ابن مالك (☺: أَنَّ النَّبِيَّ أُتِيَ) على البناء للمفعول (بِلَحْمٍ تُصُدِّقَ بِهِ) بضم التاء على صيغة المجهول (عَلَى بَرِيرَةَ) بفتح الموحدة وكسر الراء الأولى.
          (فَقَالَ) صلعم (هُوَ) أي: اللَّحم (عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ) قدم عليها على المبتدأ ليُفيد الحصر؛ أي: عليها صدقة لا علينا؛ لأنها لما قبضتها زالَ عنها وصف الصَّدقة، فيجوز للغنيِّ شراؤها من الفقيرِ، وللهاشميِّ أكله منها، فالتَّحريم ليس لعين اللَّحم، كما لا يخفى.
          (وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ) هو: سليمان الطَّيالسي الحافظ، كُتِبَ عنه بأصفهان أربعون ألف حديث، ولم يكن معه كتاب، مات سنة أربع ومائتين بالبصرة (أَنْبَأَنَا) خصَّها المتأخرون بالإجازة، قال الخطيب البغدادي: درجة أنبأنا أحطُّ من درجة أخبرنا، وهو قليل في الاستعمال (شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ قَتَادَةَ) بن دِعامة، أنَّه (سَمِعَ أَنَساً ☺، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) ساق السند دون المتن؛ لتصريح قتادة بالسماع فيه؛ فإنه مدلِّس؛ فزال توهم تدليسه في السَّند السَّابق؛ حيث عنعن فيه.
          وهذا التَّعليق قد أسنده أبو نُعيم في «المستخرج» فقال: حدَّثنا عبد الله: حدَّثنا يونس: حدَّثنا أبو داود؛ يعني: الطيالسي، قال: أنبأنا شعبة. فذكره.
          والحديث أخرجه المؤلِّف في الزكاة [خ¦1446]، والهبة [خ¦2577]، وأخرجه مسلم في الزكاة، والنسائي في العمرى أيضاً.
          فائدة: استنبط الطَّحاوي من قصة بريرة وأمِّ عطية ☻ أنَّ للهاشميِّ أن يأخذَ من سهم العاملين إذا استعمل على الزكاة، وذلك أنه إنما يأخذ على عمله، قال: فلمَّا حلَّ للهاشمي أن يأخذ ما يملكه بالهدية ممَّا كان صدقة لا بالصَّدقة كذلك يحلُّ له أخذ ما يملكه بعمله لا بالصَّدقة، وهذا أصحُّ مما ذهبَ إليه أبو يوسف من أنَّه يكره استعمال الهاشمي على الزكاة إذا كانت جُعالته منها قال: لأنَّ الصَّدقة تخرج حينئذٍ من ملك المتصدِّق إلى غير الأصناف التي سمَّاها الله تعالى، فإنَّ الهاشميَّ ليس من مصارفها، هذا وفيه نظرٌ لا يخفى.
          واستدلَّ بهذا الحديث أيضاً على جواز الصَّدقة لأزواج النَّبي صلعم ؛ لأنَّهم فرَّقوا بين أنفسهم وبينه صلعم ولم ينكرْ / عليهم بل أخبرهم أنَّ تلك الهدية بعينها خرجتْ عن كونها صدقة يتصرف المتصدَّق عليه فيها، كما تقدَّم غير مرَّة، والله أعلم.