نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: أن أناسًا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون

          7085- (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ) من الزِّيادة، قال: (حَدَّثَنَا حَيْوَةُ) بفتح الحاء المهملة والواو بينهما تحتيّة ساكنة، ابن شُريح (وَغَيْرُهُ) قال الحافظ العَسقلانيّ: كأنَّه يريد ابن لَهيعة، فإنَّه رواه عن أبي الأسود محمَّد بن عبد الرَّحمن أيضاً، وقد رواه عنه أيضاً اللَّيث (قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ) محمَّد بن عبد الرَّحمن الأسديّ يتيم عُروة.
          (وَقَالَ اللَّيْثُ) أي: ابن سعدٍ الإمام (عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ) أي: أبو الأسود (قُطِعَ) بضمّ القاف وكسر الطَّاء؛ أي: أفرد (عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ) بفتح الموحّدة وسكون العين المهملة؛ أي: جيشٌ عيَّنوا من غيرهم للغزو ليقاتلوا أهل الشَّام في خلافة عبد الله بن الزُّبير على مكَّة (فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ) أي: في البعث واكتُتبت _بضمّ الفوقيّة_ على البناء للمفعول (فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ) مولى ابن عبَّاس ☺ (فَأَخْبَرْتُهُ) أي: اكتتابي في هذا البعث (فَنَهَانِي) عن ذلك (أَشَدَّ النَّهْيِ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ ، (أَنَّ أُنَاساً) بالهمزة (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) منهم: عَمرو بن أميَّة بن خلف، والحارث بن زمعة، وغيرهما (كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ، يُكَثِّرُونَ) من التَّكثير، ويروى: من الإكثار (سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلعم ، فَيَأْتِي السَّهْمُ فَيُرْمَى) بضمّ التّحتيّة وفتح الميم على البناء للمفعول، ويروى: <فيرمَى به> قيل: هو من المقلوب، والتَّقدير: فيرمى بالسَّهم فيأتي، وقيل: ويحتمل أن يكون الفاء الثَّانية زائدة، كما في سورة النِّساء، فيأتي السَّهم يرمي به.
          وقال الكرمانيّ: وفي بعض الرِّواية لفظ: <فيرمي> مفقودٌ وهو ظاهر.
          (فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ أَوْ يَضْرِبُهُ) عطف علي ((فيأتي)) لا على ((فيصيب))، والمعنى: يقتل إمَّا بالسَّهم وإمَّا بضرب السَّيف ظالماً بسبب تكثيره سواد الكفَّار، وإنَّما كانوا يخرجون مع المشركين لا لقصد قتال المسلمين، بل لإيهام كثرتهم في عيون المسلمين، فرأى عكرمة أنَّ من خرج في جيشٍ يقاتلون المسلمين يأثم وإن لم يقاتل ولا نوى ذلك.
          (فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء:97]) لخروجهم مع المشركين وتكثير سوادهم حتَّى قُتلوا معهم، / قال مُغلطاي: إنَّ هذا الحديث مرفوعٌ؛ لأنَّ تفسير الصَّحابيّ إذا كان مسنداً إلى نزول آيةٍ فهو مرفوعٌ اصطلاحاً، ويؤخذ منه أنَّ من جالس أهلَ الفسقِ مثلاً كارهاً لهم ولعملهم ولم يستطع مفارقتهم خوفاً على نفسه أو لعذر منعه فيرجى له النَّجاة من إثم ذلك بذلك، كذا قيل.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة ظاهرةٌ، وقد مضى الحديث في ((التَّفسير)) [خ¦4596]، وأخرجه النَّسائيّ فيه أيضاً.