الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: أن رسول الله كان يصلي إحدى عشرة ركعةً

          994- (تِلْكَ صَلَاتَهُ): منصوبٌ خبرُ (كَانَ)، و(تِلْكَ) الاسمُ.
          [(فَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ): قال القاضي ناصرُ الدِّين: (فيه دليلٌ على أنَّه يجوزُ أنْ يُتقرَّبَ إلى اللهِ تعالى بسجدةٍ فَرْدَةٍ لغيرِ التِّلاوةِ والشُّكرِ، وقدِ اختلفتِ الأئمَّةُ في جوازِه). /
          أقولُ: الفاءُ في (فَيَسْجُدُ) للتَّعقيبِ داعيةٌ إلى هذا، فيقفُ عليه بأنَّ (مِنْ ذَلِكَ) لا يساعدُ عليه، اللَّهُمَّ إلَّا أن يُقال: إنَّ (مِنْ) ابتدائيَّةٌ متَّصلةٌ بالفعلِ، أي: فيسجدُ السجدةَ مِنْ جهةِ ما صدرَ منه ذلك المذكورُ، فتكونُ حينئذٍ سجدةَ شكرٍ.
          قال المُظْهِريُّ: («مِنْ» للتَّبعيضِ)، والمشارُ إليه بـــ«ذلك» السَّجداتُ التي تضمَّنتها الرَّكَعات، فيقف عليه بأنَّ (مِنْ) التَّبعيضيَّةَ حينئذٍ بدلٌ، فالتَّقديرُ: فيسجدُ بعضَ ذلكَ، وليس بقويٍّ، وفاءُ التَّعقيبِ تنبو عنه، والظَّاهرُ: أنَّ الفاءَ في (فَيَسْجُدُ) لتفصيلِ المُجْمَلِ، والتَّاء في (السَّجْدَةَ) ليستْ للوَحْدةِ، وهي كما في قولِه: (سورةُ السَّجدةِ)، والتَّعريفُ للجنسِ، يعني: فيسجدُ سجداتِ تلكَ الرَّكعاتِ طويلةً قدرَ ما يَقرأُ فيها خمسينَ آيةً، ويَعضُدُه حديثُ ابنِ عبَّاسٍ: (أطالَ فيهما القيامَ والقعودَ والسُّجودَ)، ولأنَّ قولَه تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ} [المزمل:2_3] يستدعي طولَ الزَّمانِ، وطولُ الزَّمانِ يستدعي طولَ الصَّلاةِ، ولأنَّ اضطجاعَه بعدُ كانَ استراحةً مِنْ مُكابدةِ اللَّيلِ، ومُجاهَدةِ التَّهجُّدِ]
(1). /


[1] ما بين معقوفين مثبت من هامش (ب)، وليس في (أ)، والكلام بطوله في «الكاشف» (4/1181) (1188).