الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها

          56- (لَنْ تُنْفِقَ): (لَنْ): لتأكيد النَّفي، وفيه ثلاثةُ مذاهبَ:
          _ أنَّه حرفُ نصبٍ برأسه.
          _ وأنَّ أصلَه: (لا أن)، فحذفتِ الهمزةُ تخفيفًا، وسقطتِ الألف؛ لالتقائه مع النُّون السَّاكنة، فصار (لن). /
          _ وأنَّ النُّون في (لن) مبدلةٌ عنِ الألف، والأصل (لا).
          (إِلَّا أُجِرْتَ): إنْ قلتَ: إنَّ الفعلَ كيف وقعَ استثناءً؟ والاستثناءُ هل هو متَّصلٌ؟ قلتُ: تقديرُه: إلَّا في حالةٍ أُجرتَ بها، أي: لن تُنفقَ نفقةً تبتغي بها وجهَ الله في حالٍ من الأحوال وإلَّا(1) وأنت في حال مأجوريَّتِكَ عليها، أو تقديره: إلَّا نفقةً أُجِرتَ بها، فالمستثنى اسمٌ، والاستثناءُ متَّصلٌ.
          و(حَتَّى): هي العاطفةُ لا الجارَّةُ، وما[10أ] بعدَها منصوبُ المحلِّ.
          و(مَا): موصولةٌ، والعائدُ إليها محذوفٌ.
          إنْ قلتَ: من أين يُستفادُ أنَّ ما تَجعلُ في فَمِ امرأتِكَ أنتَ مأجورٌ فيه؟
          قلتُ: من حيثُ إنَّ قيدَ المعطوف عليه قيدٌ في المعطوف، أو تقول: (حَتَّى) ابتدائيَّةٌ، و(مَا تَجْعَلُ) مبتدأٌ، وخبرُه محذوفٌ، أي: ما تجعل فيه فأنت مأجورٌ فيه.


[1] هكذا في النسختين: (وإلَّا)، وفي «الكواكب الدراري»: (إلَّا)، دون واو.