الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

طه

          ░░░20▒▒▒ (طَه): بإسكانِ الهاءِ، وبها قرأَ الحسنُ، وعِكرمةُ، وأبو حنيفةَ، وورشٌ في اختيارِه: ▬طَهْ↨ بإسقاطِ الألفِ بعدَ الطاءِ، وهاءٍ ساكتةٍ(1)، وفيها وجهانِ:
          أحدهما: أنَّ الأصلَ: (طَأْ) بالهمزِ أمرًا أيضًا مِنْ (وَطِئَ يَطَأُ)، ثمَّ أَبدلَ الهمزةَ هاءً؛ كإبدالِهِم لها في (هَرَقْتُ) و(هَرَحْتُ) و(هَثَرْتُ) والأصلُ: (أَرَقْتُ) و(أَرَحْتُ) و(أَثَرْتُ).
          الثاني: أنَّه أبدلَ الهمزةَ ألفًا؛ كأنَّه أخذَه مِن (وَطِي يَطَا) بالبدلِ، كقولِه: [من الكامل]
..................                     ...... لَا هَنَاكِ المَرْتَعُ /
          ثمَّ حذفَ الألفَ؛ حَمْلًا للأمرِ على المجزومِ، وتَنَاسِيًا لِأَصْلِ الهمزِ، ثمَّ ألحقَ هاءَ السَّكْتِ، وأَجرى الوصلَ مُجرى الوقفِ، والله أعلم.
          (خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الوَاوُ مِنْ {خِيفَةً} لِكَسْرَةِ الخَاءِ): قال الكِرمانيُّ: (مثلُ هذا الكلامِ لا يَليقُ بجلالةِ هذا الكتابِ أنْ يُذكَرَ فيه) انتهى.
          قال شيخُنا في «الفتح»: (وكأنَّهُ رأى فيه ما يُخالفُ اصطلاحَ المتأخِّرينَ مِنْ أهلِ عِلْمِ التصريفِ، فقالَ ذلكَ حيثُ قالوا في مِثْلِ هذا: أصلُ «خِيفة»: «خِوْفة»، فقُلبتِ الواوُ ياءً، لكونِها بعدَ كسرةٍ، وما عَرَفَ أنَّه كلامُ أحدِ رُؤوسِ العلماءِ باللسانِ، وهو أبو عُبيدةَ مَعْمَرُ بنُ المثنَّى).
          (أَخْطَأَ الرَّبَّ): بالنصبِ.
          إشارةٌ: قال البخاريُّ: ({فِي جُذُوعِ} [طه:71] [أَيْ]:[82أ] عَلَى جُذُوعِ): قال الزركشيُّ:
          (هذه طريقةٌ كوفيَّةٌ، والمحقِّقونَ: على أنَّها للظرفيَّةِ، لكنَّها مجازيةٌ) انتهى.
          وقال البيضاويُّ: (في): للظرفيَّة، ولو تقديرًا، مثل: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}.
          قال شارحٌ: هذا مذهبُ سيبويهِ والجمهورِ، وذهبَ الكوفيُّونَ والقُتَبيُّ وابنُ مالكٍ: أنَّها تأتي بمعنى: (على)، فيكونُ التقديرُ: ولَأُصَلِّبَنَّكُمْ على...، وظاهرُ كلامِ البيضاويِّ تَبَعًا للإمامِ: أنَّ (في) حقيقةٌ في الظرفيَّةِ الحقيقيَّةِ والتقديريَّةِ، ومقتضى / كلامِ النَّحْويِّينَ والأُصوليِّينَ: أنَّ استعمالَها في الظرفيَّةِ التقديريَّةِ على سبيلِ المَجَازِ، انتهى.
          وقال بعضُهم: يَحتملُ أنْ يكونَ حقيقةً، وفي التفسيرِ: أنَّه نَقَرَ جُذُوعَ النَّخْلِ حتَّى جوَّفَها، ووضعَهُم فيها، فماتوا جُوعًا وعَطَشًا، وأنْ يكونَ مجازًا، وفيه وجهانِ:
          أحدهما: أنَّه وضعَ حرفًا مكانَ آخرَ، والأصلُ: على جذوعِ النخلِ، قال الشاعر: [من الكامل]
بَطَلٌ كَأَنَّ ثِيَابَهُ فِي سَرْحَةٍ                     .....................
          الثاني: أنَّه شبَّه تَمَكُّنَهُم بمَنْ حَوَاهُ الجِذْعُ، واشتملَ عليه، ومِن تعدِّي (صَلَبَ) بـ(في) قولُ الشاعرِ: [من الطويل]
وَقَدْ صَلَبُوا العَبْدِيَّ فِي جِذْعِ نَخْلَةٍ                     ........................ /


[1] كذا في (أ): (ساكتة)، وفي مصدره: (ساكنة)، وانظر «القراءات الشاذة» (ص87)، «الكامل» (ص597).