الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل

          3730- قوله: (وَايْمُ اللهِ؛ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا): وفي أصلِ المالكيِّ: («وَايْمُ اللهِ؛ لقد كَانَ خَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ»: استعملَ «إِنْ» المخفَّفةَ المتروكةَ العملِ عاريًا ما بعدَها مِنَ اللَّامِ الفارقةِ؛ لعدمِ الحاجةِ إليها؛ وذلكَ لأنَّه إذا خُفِّفتْ «إنَّ» صارَ لفظُها كلفظِ «إنْ» النَّافيةِ؛ فيُخافُ التباسُ الإثباتِ بالنَّفيِ عندَ تركِ العملِ، فألزموا اللَّامَ المؤكِّدةَ مميِّزَةً لها، ولا يَثبُتُ ذلكَ إلَّا في موضعٍ صالحٍ للإثباتِ والنَّفيِ، نحو: «إنْ عَلِمْتُكَ لَفاضِلًا»، فاللَّامُ هنا لازمةٌ؛ إذْ لو حُذِفتْ مع كونِ العملِ متروكًا، وصلاحيةِ الموضعِ للنَّفيِ؛ لم يُتَيَقَّنِ الإثباتُ، فلو لم يَصْلُحِ الموضعُ للنَّفيِ جازَ ثبوتُ اللَّامِ وحذفُها.
          فمِنَ الحذفِ قولُ عبدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ: «إِنْ كُنَّا فَرَغْنَا في هذِه الساعةِ»، ومنه قولُ عائشةَ ♦: «إِنْ كانَ رسولُ الله صلعم يبعثُنا وما لنا طعامٌ إلَّا السَّلفَ...») / وشواهدُ كثيرةٌ.
          وههنا نكتةٌ، وهيَ أنَّ اللَّامَ الفارقةَ إذا كانَ بعدَ ما وَلِيَ (إنْ) نفيٌ واللَّبْسُ مأمونٌ؛ فحذفُها واجبٌ؛ كقولِ الشاعرِ: [من الطويل]
إِنِ الحَقُّ لَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ                     وَإِنْ هُوَ لَمْ يَعْدَمْ خِلَافَ مُعَانِدِ
          !ولمَّا غَفَلَ النَّحْويُّونَ عن هذِه الشواهدِ، وأنَّ حذفَ اللَّامِ عندَ الاستغناءِ عنها جائزٌ، بل واجبٌ التزموا ثبوتَ اللَّامِ، وتقدَّمَ.