الناظر الصحيح على الجامع الصحيح

حديث: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه

          1820- (فَلَمْ يَرْفُثْ): الفاءُ فيه عاطفةٌ على الشَّرطِ، وجوابُه (رَجَعَ)، والجارُّ والمجرورُ حالٌ، أي: مشابِهًا لنفسِه في البراءَةِ عنِ الذُّنوبِ في يومِ الولادةِ، أو (رَجَعَ) بمعنى: صارَ، والظَّرفُ خبرُه. /
          (كَيَوْمَ): بالفتح، والكسرُ جائزٌ.
          قال المُظْهِرُ: («كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ»: «يَوْمَ» مبنيٌّ على الفتحِ؛ لإضافتِه إلى الماضي، وإذا أُضيفَ إلى المضارعِ اختُلِفَ في أنَّه مبنيٌّ أو معربٌ، والأصحُّ الثَّاني) انتهى.
          [وقال الأرزنجانيُّ: بفتحِ الميمِ؛ لأنَّه مضافٌ إلى الجملةِ، وهيَ «وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»، والظرفُ إذا أُضيفَ إلى الجملةِ يجوزُ بناؤُه على الفتحِ](1).
          واعلمْ أنَّ ما يُضافُ إلى الجملةِ جوازًا يجوزُ فيه الإعرابُ والبناءُ، سواءٌ أُضيفَ إلى جملةٍ فعليَّةٍ صُدِّرتْ بماضٍ، أو جملةٍ فعليَّةٍ صُدِّرتْ بمضارعٍ، أو جملةٍ اسميَّةٍ، نحو: (هذا يومُ جاءَ زيدٌ)، و(يومُ يَقْدَمُ بكرٌ)، و(يومُ عمرٌو قائمٌ)، هذا مذهبُ الكوفيِّينَ، وتَبِعَهُم الفارسيُّ وابنُ مالكٍ، لكنَّ المختارَ فيما أُضيفَ إلى جملةٍ فعليَّةٍ صُدِّرتْ بماضٍ البناءُ، وقد رُوِيَ بالإعرابِ والبناءِ قولُه(2): [من الطويل]
عَلَى(3) حِينَِ عَاتَبْتُ الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا                     ..................... /
          بفتحِ نونِ (حين) على البناءِ، وكسرِها على الإعرابِ، وما وقعَ قبلَ فعلٍ معربٍ، أو قبلَ مبتدأٍ، فالمختارُ فيه الإعرابُ، ويجوزُ البناءُ.
          وقُرِئَ في السَّبعةِ: {هَذَا يَوْمَُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة:119] بالرَّفعِ على الإعرابِ، وبالفتحِ على البناءِ، هذا ما اختارَه ابنُ مالكٍ.
          ومذهبُ البصريِّينَ: أنَّه لا يجوزُ فيما أُضيفَ إلى جملةٍ فعليَّةٍ صُدِّرتْ بمضارعٍ أو إلى جملةٍ اسميَّةٍ إلَّا الإعرابُ، ولا يجوزُ البناءُ إلَّا فيما أُضيفَ إلى جملةٍ فعليَّةٍ صُدِّرتْ بماضٍ، هذا حكمُ ما يُضافُ إلى الجملةِ جوازًا، وأمَّا ما يُضافُ إليها وجوبًا فلازمٌ للبناء؛ لِشَبَهِهِ بالحرفِ في الافتقارِ إلى الجملةِ كـــ(حيثُ)، و(إِذْ)، و(إذا)، واللهُ تعالى أعلمُ. /


[1] ما بين معقوفين ليس في (ب).
[2] (قوله) سقط من (ب).
[3] (على) ليست في (ب).